القطاع العام الصناعي.. دريئة للتصويب
القطاع العام الصناعي أكثر القطاعات الاقتصادية التي أثارت وما زالت تثير جدلاً واسعاً في الأوساط النقابية والاقتصادية، وهذا طبيعي كون هذا القطاع الهام هو الدريئة التي جرى تصويب النيران الغزيرة عليها من جانب قوى السوق، ومن داخل جهاز الدولة، وذلك عبر إجراءات جدية اتخذتها بحقه الحكومات السابقة والحالية والفرق الاقتصادية الملحقة بها.
المشاريع (الإصلاحية) المطروحة كثرت وتعددت أشكالها ومضامينها، وهي ليست بريئة من حيث موقفها «الإصلاحي»، بل هي كسابقاتها من المشاريع التي طرحت في عهد الحكومات السابقة.
إن واقع القطاع العام الصناعي الآن ليس في حالة سوء مطلق، وبالرغم من كل ما تعرض له من نهب وإهمال وتخريب، وضمن إمكاناته المتاحة التي وضع بها وجردته من إمكانية تطوره الطبيعي، فإنه ما زال يؤدي دوراً مهماً من خلال مساهمته الفعالة في تأمين الموارد اللازمة لخزينة الدولة، ومع هذا ما زال الهجوم مستمراً على دوره.
إن الحركة النقابية في خضم الجدل الدائر حول المشاريع (الإصلاحية المطروحة،) تتحمل مسؤوليتها من موقع الشريك للحكومة في قراراتها وخططها المختلفة في الدفاع عن قطاع الدولة دفاعاً حقيقياً عبر مواجهة تلك المشاريع، وطرح بدائل حقيقية تعبر عن المصالح الوطنية للطبقة العاملة والشعب السوري، التي من مصلحتها الحفاظ على قطاع الدولة الصناعي قطاعاً رائداً ومتطوراً، وهذا ممكن عبر إعادة تأميم القطاع العام الصناعي من ناهبيه وضخ الاستثمارات الضرورية له لكي يستعيد عافيته ثانية، وانتزاع حق الرقابة على شركات القطاع العام الصناعي والزراعي من خلال الرقابة العمالية والنقابية على أداء هذا القطاع، وهذا يكون بتثبيت حقوق الرقابة دستورياً وكيف ستمارس الرقابة لدورها الأمر الذي سيقطع الطريق على كل العابثين من قوى السوق وحلفائهم في الحكومة، لكي لا يبقى القطاع العام الصناعي مُسخَّراً لتحقيق مصالحهم الاقتصادية والسياسية، التي هي على نقيض من مصالح الشعب السوري، الذي ينشد أن يعيش بكرامته وحريته في وطنه.
إن كل المشاريع المشبوهة لإضعاف القطاع العام الصناعي والتفريط به ستسقط إذا ما استطاعت الطبقة العاملة وحركتها النقابية التخلّص من القيود المفروضة عليها، وتحقيق استقلالية قرارها الذي سيمكنها من الدفاع عن مشروعها في أن يكون القطاع العام، وخاصةً الصناعي والزراعي، قوياً وقائداً من أجل التنمية ومواجهة أعداء الوطن بكل تلاوينهم.