البطالة تفتك بالمجتمع!

البطالة تفتك بالمجتمع!

البطالة من أخطر الأمراض الاقتصادية الاجتماعية التي تعاني منها البلاد حيث تركت كثيراً من الآثار السلبية على المجتمع: اقتصادية واجتماعية وسياسية، حيث ينجم عنها الكثير من المشاكل الاجتماعية نتيجة زيادة عدد المهمشين، وتنعكس على مجمل المجتمع، وفي مقدمتها: ضعف روابط الانتماء إلى الوطن لتظهر تلك الروابط ما قبل الدولة الوطنية من طائفية وقبلية وغيرها، هذا عدا عن ارتفاع معدل الجريمة بأشكالها المختلفة، إضافة إلى الأمراض الاجتماعية الأخرى النفسية والصحية التي قد تصل إلى الأوبئة.

 

وتعتبر سورية في المركز الأول في دول المنطقة بمعدلات البطالة المرتفعة، وخاصة خلال انفجار الأزمة التي ما زالت حتى اليوم. وقد تجاوزت معدلات البطالة خلال سنوات انفجار الأزمة 40% من قوة العمل ويمكننا القول دون مبالغة: أن مشكلة البطالة مزمنة في الاقتصاد السوري. وتقدر قوة العمل بحوالي 25%من سكان البلاد. ويشكل العمال الذين على رأس عملهم أكثر من 70% في القطاع الخاص.
لقد كانت سورية قبل انفجار الأزمة تعاني من ازدياد نسبة البطالة نتيجة السير بتلك السياسات الاقتصادية الليبرالية التي اتبعتها الحكومات المختلفة وحتى اليوم، وهي لا تلبي مصالح المجتمع وسوق قوة العمل، بل ساهمت في: - انتشار الفساد وتمركزه في الكثير من المواقع الاقتصادية.
– الفوضى في سوق العمل نتيجة غياب دور تلك المؤسسات الاجتماعية من ( مكاتب العمل– مكاتب التشغيل ). – عدم ربط مخرجات التعليم في مراحله المختلفة كافة المتوسط والجامعي والمهني بما يتناسب مع احتياجات المجتمع لسوق العمل، وقُدّر معدل البطالة قبل انفجار الأزمة بما يقارب 15% حسب الإحصاءات الرسمية (المكتب المركزي للإحصاء) حيث قدرت نسبة الشباب العاطلين عن العمل منهم بحدود 35% وتجاوزت معدلات البطالة خلال سنوات انفجار الأزمة الـ 40%
إذاً، البطالة مشكلة وطنية بامتياز وتقع مسؤولية مكافحتها الأكبر على جميع الجهات الحكومية، وكذلك جهات القطاع الخاص، والحركة النقابية. ونقصد بمسؤولية الحكومة هي أن تتبنى سياسات اقتصادية تعمل على تنمية قطاع الدولة وتوسيعه وفك القيود المكبلة له ودعمه باستمرار من خلال زيادة وتوسيع الاستثمارات الإنتاجية فيه الزراعية والصناعية التي تساهم في زيادة معدلات النمو الاقتصادي، وذلك عبر تأمين مستلزمات الإنتاج والمواد الأولية اللازمة لعمليات الإنتاج في المعامل والمصانع بما فيها القطاع الخاص الإنتاجي الذي يضمن عودة عجلة الإنتاج للدوران لرفع معدلات النمو، والحد من الاستثمار الحكومي الكبير في المشاريع الخدمية من فنادق ومدن سياحية وما شابهها، وتوفير رؤوس الأموال هذه لإقامة مشاريع إنتاجية توفر فرص عمل جديدة وحقيقية. ومنع فصل العمال من العمل في القطاع الخاص وقطاع الدولة .وضبط سوق العمل من خلال خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تُعنى بمستوى التطوير العلمي والتقني في الفروع كافة، ومتابعة معدل النمو السكاني وعلاقته بمعدل نمو قوة العمل لاستيعاب قوة العمل في السوق، وإعادة النظر بتوزيع الثروة أي: العلاقة بين الأجور والأرباح لرفع القوة الشرائية بما يتناسب مع ارتفاعات الأسعار. أما الحركة النقابية فتتجلى مسؤوليتها في الدفاع عن حقوق هؤلاء العمال والعمل على تأمين مطالبهم وحقوقهم التشريعية والديمقراطية، وذلك بالمساهمة في تأمين البيئة القانونية التي تؤمن حقوق العمال المختلفة من حماية حق العمل وأمن صناعي بما فيها الحق بالإضراب. وهذا لا يستقيم إلا بالحل السياسي والتغير الديمقراطي الشامل والجذري لتلك العلاقات الاقتصادية الاجتماعية السائدة اليوم التي أنتجت الفساد والأزمة.