بصراحة: عيدنا يوم خلاصنا
تمر سنوات الأزمة واحدة بعد الأخرى، يستذكر فيها الفقراء أحلامهم التي سرقت منهم وجعلتهم أرقاماً في سجلات الحكومات والمنظمات، حيث يجري استثمارها في سوق السياسة..
من خلال الجلسات التي تحصل في زيارات العيد تكون الأزمة الموضوع الرئيس للجالسين، أو كما يعبر عنها البعض بطريقته الشعبية، بالمحنة التي أصابت الشعب السوري، وجعلته مهجراً ونازحاً يهيم على وجهه مصارعاً المستجدات التي طرأت على حياته من أجل تأمين حاجات أطفاله بمناسبة العيد، حيث اعتاد على تأمينها قبل المحنة الأزمة، يذهب إلى الأسواق التي يقال عنها شعبية، وهي الآن ليست كذلك يتأمل الأسعار ولكنه يخشى من السؤال عنها لعلمه المسبق بقدرته الشرائية التي فُصّلت على مقاس أن يأكل ويشرب ضمن الحدود الدنيا التي تبقيه سائراً على قدميه، يتنفس بعض الهواء المخصص له، هذه الحدود التي يستطيع الفقراء أن يتحركوا ضمنها بينما الأغنياء أولاد البطة البيضاء حركتهم مفتوحة على مصراعيها يعيثون في الأرض فساداً كما يحلوا لهم.
إن قدوم الأعياد بمختلف ألوانها، وأشكالها يؤشر إلى حجم الكارثة التي حلت بالفقراء لأنها تفجر أحزانهم، وتظهر كم من القهر قد أصابهم وهم في منافي التهجير والنزوح، تلمس المأساة المعاشة، من التأوهات الخارجة من الصدور، ويطرحون سؤالاً أساسياً.. إلى متى سنبقى مهجرين في وطننا؟ سؤال قد لا يجيد الكثيرون الإجابة عنه بشكل واضح وحقيقي كما يفعل أهل السياسة والدراية ببواطن الأمور، ولكن ما يفهمونه بحسهم الشعبي الصادق أن هذه الحرب لم تعبّر عن مصالحهم وهي تخدم من يسعى لاستمرارها وإبقاء نارها مشتعلة طالما هي تدر الملايين والملايين، لا يكون عادةً فيها حصة للفقراء بل يدفعها الفقراء بطرق مختلفة لتذهب إلى جيوب الظالمين المغتنين، والمنتفخين من لقمة عيشنا ودمنا، من بسمة أطفالنا الذين تحولوا إلى رجال قبل أوانهم بسبب أهوال الحرب، والتشرد والفقر.
أيها المهجرون والنازحون والمهمشون والمشردون: لا ترفعوا الراية البيضاء، الوطن لنا وليس لهم، الهواء والماء لنا وليس لهم، فلنقاوم أعداء الشمس والحياة من فاسدين كبار، والداعشيين بمختلف ألوانهم وتجار الدم... كرامتنا بالدفاع عن لقمتنا وكلمتنا ووطننا.