بصراحة عام جديد من عمر الحركة النقابية!

ثمانون عاماً من عمر الحركة النقابية مرت، تخللها النجاح أحياناً، والتراجع والانكفاء أحياناً أخرى، وهذا لا يمكن تفسيره بمنطق إرادي وشخصي، ولكن يمكن ردّه لعوامل عدة أحاطت بعمل الحركة النقابية وقدرتها على التقدم في دورها، أو التراجع، وعدم القدرة على القيام بما هو مطلوب منها تجاه الحقوق والمطالب الأساسية لمن تمثلهم، أي: الطبقة العاملة السورية بكل تصنيفاتها الخاص والعام وغير المنظم.

إن الواقع الموضوعي المحيط بعمل الحركة النقابية، المتمثل بمستوى التطور الاقتصادي «الصناعي_ الزراعي_ الخدمي»، أعداد العمال المنتسبين للنقابات، ومستوى إعدادهم العلمي والتقني، مستوى الحريات السياسية والديمقراطية والحريات النقابية، التي ترفع أو تؤخر من قدرة الحركة النقابية على التصدي لمهامها في الدفاع عن الحقوق، والمطالب الأساسية للعمال، بما فيها امتلاكها لحق الإضراب كوسيلة من وسائل الدفاع، وتحصيل الحقوق، أو التعبير عن موقف تجاه حدث ما يصيب الضرر بالمصلحة الوطنية العامة.
بناء على هذا التوصيف يمكن تقسيم تاريخ وتجربة العمل العمالي والنقابي إلى مرحلتين رئيستين، كان التباين فيهما واضحاً من حيث التأثير والفاعلية في مجريات الأحداث المتعلقة بحقوق ومطالب العمال الاقتصادية والسياسية.
المرحلة الأولى: وهي التي كان فيها النضال العمالي والنقابي يستفيد من مستوى الحريات النسبي، الذي انتزعته الحركة الوطنية بمواجهة المستعمر الفرنسي وبعدها من البرجوازية الوطنية، التي اضطرت لتقديم تنازلات للحركة العمالية والنقابية تحت ضغط قوة حراكها المؤثر في العملية الإنتاجية والاقتصادية بشكل عام، وهي مرحلة الأربعينات حتى منتصف الخمسينات.
المرحلة الثانية: وهي مرحله سِمَتها الأساس: تقييد العمل النقابي والعمالي وجعله عملاً ملحقاً بجهاز الدولة، ويتأثر إلى حد بعيد بما يجري داخله من تطورات سياسية واقتصادية، وانعكس ذاك الإلحاق على مجمل عمل الحركة النقابية، بما فيها قدرته على مواجهة السياسات الاقتصادية الليبرالية التي جرى تبنيها والعمل على أساسها، وكان تتويجاً لها تبني اقتصاد السوق، بما يحمله من توحش وإجحاف بحق عموم فقراء الشعب السوري، بما فيهم الطبقة العاملة السورية، التي أصابها الفقر والعوز وضيق الحال بسبب تلك السياسات، كونها سياسات قدمت لقوى رأس المال كل ما يلزم لمركزة الرساميل ونهب الثروة.
التغيرات السياسية قادمة.. قادمة ولابد أن تصيب الحركة النقابية والعمالية فلنستعد لاستقبالها بما يحقق مصالحنا الوطنية والطبقية!