السجاد الصوفي من العراقة إلى أين؟

السجاد الصوفي من العراقة إلى أين؟

بقيت صناعة السجاد، المنتجة في معمل السجاد الآلي الذي أسس عام 1976 في السويداء، والتابع للشركة العامة لصناعة السجاد، التي تأسست عام 1959 بخبرات ألمانية، تقدم أفضل المنتجات من حيث الخيط والجودة والمزايا الجمالية.

 

بتاريخ 21 نيسان عام 2٠١٠ دُمجت الشركة العامة، بمعمليها دمشق والسويداء، مع كل من الشركة العامة للأصواف بحماة، وشركة ساتكس حلب، بموجب مرسوم تشريعي، ليصبح اسمها «الشركة العامة لصناعة الصوف والسجاد» التابعة للصناعات النسيجية بوزارة الصناعة، وسمي مقر الإدارة العامة في معمل الصوف في محافظة حماة.
عيوب الدمج
ظهرت أولى عيوب الدمج بعدم لحظ المعمل في مرسوم الدمج كوحدة إدارية ومالية مستقلة، إلى جانب البعد الجغرافي للإدارة العامة عن المعمل، الأمر الذي منع التواصل والوقوف الصحيح على واقع العمل، حيث وضعت الإدارة العامة في مكان المواد الأولية «مادة الصوف» المسوقة للمعمل التابع لها، بدلاً من أن تكون في مكان المُنتج النهائي «السجاد» والذي يحتاج لخبرة خاصة وجهد كبير لتسويقه.
أضف إلى ذلك عدم وجود الخبرة الكافية للقائمين على إدارة شركة «أصواف حماة» بسبب اختلاف الصناعتين «الصوف والسجاد»، الأمر الذي أدى لقرارات إدارية غير صحيحة، ولا تتوافق مع طبيعة صناعة السجاد وخصوصيتها، ومنها: إيقاف التقسيط للدوائر الحكومية في بداية 2015، والعودة عن هذا القرار في عام ٢٠١٧، وتزويد صالات فرع المؤسسة العامة الاستهلاكية ومؤسسة سندس بالسويداء بكميات من السجاد الآلي من إنتاج المعمل، والتي بلغت نحو 28 ألف متر مربع لبيعها للمواطنين والعاملين بالدولة، نقداً وبالتقسيط.
كما أثرت المركزية في الإدارة، والتمييز في إعطاء الصلاحيات للمعامل، على العملية الإنتاجية، وزادت في الأعباء الإدارية، حيث ارتفعت التكلفة من 1322 ليرة للمتر في عام 2009، إلى 1403 في عام 2011 بعد الدمج، وانخفضت كمية المبيعات عام 2009 من 50000 متر مربع إلى 38000 متر مربع عام 201٠.
توقف عملية التحديث
من القضايا التي فاقمت المشكلة، إيقاف عملية التحديث التي كانت في الأصل ضعيفة قبل الدمج، لأسبابٍ غير مبررةٍ أو مقنعةٍ، الأمر الذي أدى إلى زيادة معوقات الإنتاج القائمة، من قدم الآلات وفقدان القطع التبديلية، مع فقدان الأمل في الحصول على قطع الغيار من دول المنشأ بسبب الأزمة والحصار لاحقاً، مما دفع العمال إلى استثمار خبراتهم الفنية في تصنيع بعض القطع وخراطتها وفق الحاجة، بهدف المحافظة على سير العملية الإنتاجية وعدم توقف النول، علماً أن عدم إصدار نظام داخلي وملاك عددي، أدى إلى حرمان العمال من الكثير من الميزات والمستحقات المعمول بها في الأنظمة الداخلية والملاكات العددية للمعامل والشركات قبل الدمج.
سلبيات إضافية
من آثار الدمج أيضاً انخفاض التعويضات وحرمان العمال من حقوقهم في مرحلة ما بعد الدمج، فقد تراجع عدد العمال من 163 عاملاً في عام ٢٠٠٩ إلى ٩١ عاملاً عام 20١٧، بسبب عدم تعيين عمال جدد بدل العمال المحالين على التقاعد أو المستقيلين، وحرمان العمال من الوجبة الغذائية التي كانت تمنح لعمال المعمل كافة بقرار من اللجنة الإدارية السابقة، والتي أوقفتها الإدارة العامة بعد الدمج، وحرمت معظم العاملين منها، رغم وجودهم على خطوط الإنتاج، والتي لم يكن تعريفها واضحاً ومتطابقاً مع الأنظمة الداخلية للمعمل، وتعويض طبيعة العمل بسبب عدم معرفة الإدارة العامة لطبيعة العمل، وتفسير الأنظمة والقوانين الخاصة بذلك، بالإضافة لعدم تناسب الحوافز الإنتاجية مع زيادة سعر المتر، وتدني الأجور التي لم تعد تشكل أي حافز لزيادة إنتاجية العامل، كما حرم العمال من المكافآت التشجيعية التي تقلصت للحد الأدنى، وتم إلغاء تكليف العمل الإضافي بالكامل رغم حاجة العمل له.
أوجاع عمالية
الطبابة هي ليست بأفضل حال، كما وصفها أحد العمال: إنها متردية بشكل واضح، مع العلم أن أعمار العمال مرتفعة، الأمر الذي يتطلب زيادة الحاجة للخدمات العلاجية والطبية، مع وجود أمراض مهنية مختلفة بنسبة عالية بين العمال، يضاف إلى ذلك: عدم تعديل مخصصات الطبابة، أو زيادتها رغم ارتفاع أسعار الأدوية والمعالجات، وهنا لابد من التذكير أن «مهنة النساج» مهنة شاقة ومجهدة تعرضه للأبخرة والغبار.
إحدى العاملات على النول لخصت معاناة العمال في المعمل: يعاني أغلب العمال من أمراض الديسك والفقرات بحكم طبيعة العمل المرهقة، ويشكل الضجيج خطراً على صحة العمال، حيث قيمت إحدى اللجان التي زارت المعمل: الضجيج بما يزيد على 70 ديسبل لأكثر من ثماني ساعات بشكل يومي، ويضاف إلى ذلك آثار استنشاق «الزغبر».
أكد عامل أخر على الحاجة الماسة لإلغاء مرسوم الدمج، لإعادة دورة الحياة لهذا المعمل، ومنع توقف الأنوال التي شاخت، ودعم العمال الذين لا سبيل لهم إلا العمل، رغم المرض والعناء، لبقاء المنشأة وبقاء مصدر رزقهم الوحيد، بالإضافة إلى رفد المعمل بكوادر شابة في ظل نقص اليد العاملة في المعمل، والتي تبلغ نحو /70/ عاملاً وعاملة.
رأي نقابي
أكد أحد النقابين على ضرورة متابعة موضوع النول الحديث، والمطالب فيه منذ سنوات قائلاً: إن اللجنة الفنية والمالية أنجزت فض عروض مناقصة النول الحديث، حيث تم اختيار العرض المناسب والأفضل فنياً ومالياً، إضافة إلى مطابقته للمواصفات المطلوبة واللازم توافرها في النول المراد شراؤه، مضيفاً: أن النول الحديث الذي سيتم استقدامه للمعمل يتألف من /8/ آلات، ويعد بديلاً عن كامل خطوط الإنتاج الموجودة في المعمل، وطاقته الإنتاجية تفوق الطاقة الإنتاجية للأنوال الثمانية الموجودة حالياً على أرض المعمل، مشيراً إلى أن الطاقة الإنتاجية لهذا النول تبلغ 170 ألف م2 في العام، وذلك بواقع 269 يوم عمل، مع العلم أن هذا النول يغطي الطاقة الإنتاجية المخططة، ويقوم بتصنيع سجاد حسب الخيط المتوافر، بما يسهم في دعم العمل بطاقات إنتاجية عالية تفي بحاجة السوق، من النقوش والتصاميم المتنوعة من مختلف أنواع السجاد الطبيعي، كما اتخذت إدارة المعمل مجموعة من الإجراءات لتحسين واقع العمل الإنتاجي والإداري في المعمل ورفع نسب الإنتاج، وتضمنت إعادة توزيع العمالة بين الأقسام، وتوظيف كامل الطاقات البشرية وإشراكها بالعملية الإنتاجية، والاستفادة من كامل الوقت المتاح للعمل، وتأمين مختلف مستلزمات المواد الأولية، وخفض نسبة الهدر، وتحفيز العمال المجدين بمكافآت رمزية، مع إعداد نموذج لنظام حوافز جديد قيد التصديق حالياً، بما يسهم برفع الأداء للعاملين، ومن الملاحظ أيضاً: ارتفاع نسب الإنتاج من 32 بالمئة مع نهاية العام الماضي إلى 55 بالمئة حالياً من الخطة المعيارية الموضوعة على وردية واحدة، وهناك جهود تبذل من العاملين والإدارة لرفعها لتصل نهاية الشهر الحالي إلى نسبة تنفيذ لا تقل عن 70 بالمئة، كما أن متوسط الإنتاج الشهري العام الماضي بلغ 1800 متر مربع، خلال الشهر الماضي 1972 متراً مربعاً ومن المتوقع ارتفاعه الشهر القادم إلى 2500 متر مربع، كما أنتج المعمل العام الماضي 22 ألف متر مربع من السجاد الصوفي.
مطالب العمال
يؤكد العمال: أن المعمل يواجه مجموعةً من الصعوبات والمعوقات، وأن الضرورة تقتضي:
_ إيجاد الحلول المناسبة بالسرعة القصوى لموضوع نقص العمالة الفنية والإدارية، وكبر سن العمال الحاليين.
_ ضرورة إدراج مهنة السجاد ضمن الأعمال الشاقة والخطرة.
_ الإسراع في إصدار النظام الداخلي للشركة العامة لصناعة الصوف والسجاد.
_ تشميل العمال كافة بتعويض طبيعة العمل والوجبة الغذائية.
_ زيادات اعتمادات الطبابة.
_ إعادة منح تعويض الاختصاص الفني لعمال الفئة الثانية المعينين بعد عام ١٩٨٥.
_ تعيين عمال جدد على خطوط الإنتاج في المعمل.