بصراحة: هل هناك من هم فوق القانون؟!

الدستور والقانون هما الناظمان لعمل الدولة وهما فوق الجميع ولا يحق لأحد أن يخرقهما لأن خرق القانون أو الدستور هو تحطيم للدولة نفسها.

ومن العجائب في بلادنا أن التعميم أو البلاغ الصادر عن هذه الوزارة أو تلك يعطل العمل في كثير من مواد القانون، وقد تتعارض مواد القانون في بعض الأحيان مع بنود الدستور وهذه القضية يجب الوقوف عندها لأن السير بشكل جدي في مسيرة التطوير والتحديث، يجب أن تنطلق أولاً من احترام القانون والدستور والسعي لتعديل مواد القانون التي تعوق التوجه في عملية التطوير. ففي الآونة الأخيرة صدرت مجموعة من القوانين والمراسيم أعطت كثيراً من الحقوق للعاملين بأجر، ولكن عندما وضعت التعليمات التنفيذية لهذه القوانين أو المراسيم قيد العمل انعكس تطبيقها سلباً على مصالح العاملين بأجر، والأنكى من ذلك هو أن تتجاهل الوزارات والإدارات هذه القوانين والمراسيم وتعمل على إخفائها.

وهذا ما حصل عندما صدر القانون رقم (8) لعام 2001 القاضي بتثبيت العمال الوكلاء والمؤقتين وفق شروط حددتها مواد القانون المذكور بدقة ووضوح. ولا تحتمل أي شكل من أشكال التفسير أو التأويل، ومن المعروف أن أوضاع العمال الوكلاء والمؤقتين تنعكس بصورة سلبية على عدد من المؤسسات والإدارات والشركات التي يعملون فيها لعدم قدرة هذه الإدارات على استيعابهم في ملاكاتها، والاستفادة الكاملة من المهارات والخبرات التي اكتسبوها خلال فترة عملهم، نتيجة وضعهم الوظيفي وطبيعة عقود عملهم وتفاوت المزايا التي يحصلون عليها. ومن المستغرب أن بعض الجهات العامة تتردد في تنفيذ أحكام القانون (8) وكأن أمر تثبيت العمال الوكلاء والمؤقتين لا يعنيها في شيء رغم حاجة الإدارات والمؤسسات لهؤلاء العمال وخبراتهم الفنية وحسن أدائهم للأعمال الموكلة إليهم. ليس هذا فحسب بل هناك جهات عامة أخرى قد سارعت، وبكل بساطة، إلى تسريح العمال الوكلاء والمؤقتين لديها، وعملت على إنهاء عقود عملهم تهرباً من تطبيق قانون تثبيتهم.

ومما يزيد الطين بلة كما يقال أن وزارة الزراعة ومديرياتها أقدمت على إنهاء عمل (1506) عمال وكلاء ومؤقتين من العاملين لديها وكأن بعض المعنيين في هذه الوزارة لم يدروا بالقانون (8) وكذلك لجأت بعض الإدارات لعدم تجديد العقود للعمال لديها تحت حجج واهية، ومن الغريب جداً أنها عينت عمالاً جدداً بعقود عمل جديدة بدل العمال الذين أنهت عقودهم.

إن المخالفة الصريحة للقانون رقم (8) تضعنا أمام تساؤل كبير: إلى متى ستبقى الجهات العامة فوق القانون دون أن تجد من يسألها على المخالفات الصريحة التي تضر بالعملية الإنتاجية؟.

إننا إذ نضم صوتنا للاتحاد العام لنقابات العمال في دفاعه عن حقوق العمال المكتسبة نتساءل عن الدوافع والأسباب التي حدت ببعض الإدارات العامة إلى تسريح العاملين الوكلاء والمؤقتين لديها بدلاً من استيعابهم وتثبيتهم والاستفادة من خبراتهم وأمامها مستند تشريعي نافذ يمكنها من ذلك.

 

كما نطالب اللجان الوصائية أن تسارع إلى وضع حد للقفز فوق القانون والعمل على تنفيذ ما جاء في بنوده لمصلحة العمل والعمال وإعادة العاملين المسرحين بعد صدور هذا القانون لما فيه مصلحة الوطن والمواطن وندعو أعضاء مجلس الشعب الوقوف بوجه هذه الجهات التي تقفز فوق القوانين ومحاسبتها.