دردشات لسنا فريق عمل واحد
في الربع الأول من العام الجاري، وفي أحد المؤتمرات السنوية لنقابات العمال، قال ممثل الحكومة، عندما ضايقته نقاشات النقابيين الساخنة، ضد سياسة الدولة الاقتصادية: «هذا خطنا الذي لن نتراجع عنه، ومن لا يعجبه ليترك العمل النقابي...».
وفي مؤتمر نقابي آخر، ختم ممثل الحكومة ـ وأعتقد بأنه كان وزيراً ـ النقاشات مع النقابيين، بطرح شعار تضليلي جديد وقديم: إن الحكومة والنقابات العمالية، فريق عمل واحد، كذا أتساءل: ضد من سيوجه هذا الفريق الواحد؟
الحقيقة أن الحكومة، وسائر فئات الرأسمالية أصحاب اقتصاد السوق والسوء، هم فريق عمل واحد، ضد الطبقة العاملة وسائر الكادحين بسواعدهم وأدمغتهم، بدليل أن الحكومة أدارت ظهرها لكل شعار تقدمي اشتراكي، ورد في الدستور، أو في أدبيات حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم، أو للشعار الشهير الذي طرحه الرئيس الراحل حافظ الأسد: «لا حياة في هذا القطر إلا للتقدم والاشتراكية». بالإضافة إلى هجومها على القطاع العام، وطرحها حتى المعامل الرابحة للاستثمار أو التشاركية مع القطاع الخاص، الذي وعدته باحتكار الميدان الإنتاجي الذي يعمل فيه، ومن ثم تقليص الاستثمار الحكومي، وتغيب الرقابة على الأسعار التي تتصاعد باستمرار و... هل هذه السياسة الاقتصادية، تدل على أن الحكومة، والحركة النقابية هما فريق عمل واحد، أم أن الحكومة وحيتان المال، هم فريق عمل واحد؟
ثم إذا كانا فريق عمل واحد، لماذا لم تدع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الاتحاد العام للنقابات كي يشترك في وضع مسودة مشروع قانون العمل الجديد، مع أنه طرف أساسي في هذا القرار. في حين تبنت تعديلات طرحتها اتحادات غرف الصناعة والتجارة على هذا المشروع، وأبرز موضوع فيها، إلغاء المرسوم 49 الذي يمنع التسريح التعسفي للعمال، هذا المكسب الكبير الذي انتزعوه بإضراباتهم عام 1962 من حكومة الانفصال الرجعية.
يا للمفارقة العجيبة! نضال العمال ينتزع من حكومة رجعية، مكسب منع التسريح التعسفي، وحكومة حزب البعث العربي الاشتراكي، ومجلس شعبه ـ كما يقال ـ ذو الأغلبية من العمال والفلاحين، تحاول أن تبطل هذا المكسب الكبير للطبقة العاملة!
عدا عن أن وزارة الشؤون تصر على إدراج التعاقد الوظيفي في قانون العمل الجديد، الذي من شأنه أن يحوّل قوة عمل الطبقة العاملة والموظفين إلى سلعة رخيصة تترامى على أبواب الرأسماليين الصناعيين ومعاملهم، بدافع الحاجة الماسة إلى العمل.
يظهر أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل هي خير ممثل لمصالح الرأسماليين الصناعيين، ولاقتصاد السوق الليبرالي عامة، ضد الطبقة العاملة والجماهير الشعبية.
فأية وحدة فريق عمل، تجمع بين حكومة بمثل هذه التوجهات الاقتصادية المجتمعة، وبين النقابات العمالية في مثل هذا الصراع الطبقي الناشي؟
إنها وحدة فريق عمل بين الجلاد والضحية، التي يطلب منها الموافقة على المزيد من تكديس الصعوبات والمضايقات على نفسها. المزيد من تدني مستوى حياة الطبقة العاملة المعاشية، والمزيد من الفقر والعوز والامتهان.
لكن الطبقة العاملة السورية ونقاباتها، التي لها ماض عريق في النضال الوطني والمطلبي، هي أكبر وعياً من أن تؤخذ بمثل هذا الشعار التضليلي الذي يروج لفرضه عليها. لذا تقول لكم بالفم الملآن: كلا لسنا فريق عمل واحد مع حكومة تلغي مكتسباتنا التي ناضلنا في سبيلها سنوات طوال، وتضيق على مستوى حياتنا المعاشية والاجتماعية أكثر فأكثر.