قانون التقاعد المبكر بين معطيات الواقع وضخامة التكاليف!

تحت عنوان «زيادة نسبة البطالة» الحكومة تطرح مشروع التقاعد المبكر!؟

لا ندري حتى الآن ما هو المفهوم الذي يمكن إسقاطه على السياسة الاقتصادية المعمول بها داخل المؤسسات والمعتمدة في آليات عمل الحكومة التي أدخلت غالبية قراراتها في دوامة الأحجيات مستحيلة الحل فالقرار الصادر سيكون له بعد أيام قليلة قرار مضاد ومخالف لمضمون القرار الأول وبذلك تبدأ أرجحة المواطن في سباق التفسيرات المختلفة والمخالفة لكل التوقعات والتكهنات.

وبين ما هو صحيح وما هو خاطئ وصدور العديد من القرارات تبرز حقيقة وجود تناقضات ومخالفات جسيمة بين القرارات الصادرة وتطبيقاتها وتفسيراتها المتشعبة من جهة والتوجهات المعلنة من قبل أعضاء الحكومة في العديد من المناسبات واللقاءات من جهة أخرى.

ورغم إصرار الحكومة على إصدار الكثير من القرارات خلال الفترة الماضية إلا أنها في غالبيتها لم تحقق الهدف أو الغاية المنشودة نظراً لابتعادها عن الواقع إضافة إلى التناقض والاختلاف الواضح بينها وبين التفسيرات المرافقة لها والتي تجعلها أقرب إلى صيغة الأحجيات منها إلى صيغة القرارات القابلة للتنفيذ..

وما أشبه اليوم بالأمس فالجدل الدائر في هذه الأونة حول مشروع التقاعد المبكر (الاختياري) الذي تطرحه الحكومة لا يختلف كثيراً عن تلك المناقشات التي كانت تجري سابقاً قبل إصدار القرارات فبعد المداولات والاجتماعات التنسيقية مع الجهات الأخرى تأتي النتائج على شكل قرار حكومي بعيد في مضمونه عن الآراء ووجهات النظر المطروحة والتي تهمل ليتم تبني رأي الحكومة الذي يجسد طموحاتها وآمالها فقط.

إن النتائج الإيجابية التي تحاول الحكومة إبرازها لهذا المشروع تتبخر أمام ضخامة الأرقام التي أثبتتها الدراسات المدعمة بلغة رقمية حقيقية حول تكاليف تطبيق هذا المشروع حيث بينت العمليات الحسابية المتتالية أن متوسط المعاش التقاعدي لجميع الفئات بما فيها التعويضات هو 11139 ل.س أي أن تطبيق هذا القانون يعني وقوع مؤسسة التأمينات الاجتماعية في عجز مالي يصل في قيمته إلى عشرات المليارات التي سيؤدي إنفاقها إلى أضرار كبيرة على المجتمع والاقتصاد فإذا كان عدد العاملين المتقاعدين 125000 عامل ستكون كلفة المعاشات التقاعدية كمايلي:

125000 عامل × متوسط المعاش 11139 = 1393 مليار بالشهر.

125000 عامل × متوسط المعاش 11139 × 12 شهر = 16716 مليار بالسنة.

125000 عامل × متوسط المعاش 11139 × 60 شهراً = 83580 مليار خلال خمس سنوات.

وبمقارنة بسيطة بين الآثار السلبية للمشروع والنتائج الإيجابية التي يمكن أن يحققها نجد أن إصرار الحكومة على هذا القانون يشكل ابتعاداً حقيقياً عن التوجهات الموضوعة لتحقيق التنمية وتحسين المستوى المعاشي للمواطنين، وبالتالي فإن إعادة النظر في هذا القانون تشكل أفضل الحلول المتاحة والتي يمكن للحكومة تبينها في هذا الوقت، وعليها أيضاً الأخذ بآراء الجهات الأخرى وفي مقدمتها الاتحاد العام لنقابات العمال.

■ عن الاتحاد الاشتراكي بتصرف

 

بشير فرزان