بصراحة لا... للتفريط بالسيادة الوطنية
على مايبدو فإن ميزان القوى في البلاد يشهد تصاعداً في الصراع بين قوى الفساد من جهة ومحاربيه من جهة ثانية... وكلٌ يسعى لحسم الصراع لصالحه وهنا بالذات تنتصب أمام القوى السياسية الموجودة على الساحة والبعيدة عن موقع القرار أو الموجودة بداخله ولا تملك إلا حق إبداء الرأي، مهمة على غاية من الضرورة للوقوف في وجه تلك السلطة الخفية التي يملكها الفساد للدفاع عن وجوده، وبحوذته من القوة ما يستميت بها ليستمر وليسيطر أكثر فأكثر. بما يكفل له الاستمرار في عملية النهب المتوازنة والمتساوية التي تمكن هذه القوى من الحفاظ على لياقتها في إدارة عمليات الفساد المتزايدة، فمن غير المعقول أن تخسر قطاعاتنا الإنتاجية في العام، والخاص، والمشترك، أرقاماًخيالية سنوياً ومنذ عقود ولاأحد يستطيع أن يحرك ساكناً بل بالعكس نجد أن المسؤولين عن هذه القطاعات محميون وإن أدينوا فهم فوق القانون وفوق الشبهات ولايستطيع أحد أن يحاسبهم.... لماذا؟ لاأحد يعرف ولكن المعروف أن هناك تأثيراً للطائفة أو العشيرة والعائلة فهم يستطيعون أن يدخلوا للقبة في اللحظة المناسبة التي تخدم مصالحهم ولصالح الغير ولو على حساب البلاد والعباد.
نحن متفقون أن الفساد ليس حالة مجردة بل هو نتيجة للنهب المنظم لاقتصادنا الوطني، وإذا كنا متفقين أن حجم النهب المنظم يفوق نسبة 20 ـ 30% من الدخل الوطني وباعتراف المسؤولين.. فالسؤال الذي يطرح نفسه بقوة من يحمي الاقتصاد الوطني؟
إذا كانت الحكومة هي أحد الأجزاء التي يتركز فيها النهب المنظم والعشوائي وإذا كانت هي بما تملكه من قوة لاتستطيع حماية الاقتصاد الوطني من ناهبيه فما هو الدور الذي تلعبه في هذه المرحلة غير توزيع الخطابات الوطنية الرنانة في المناسبات الرسمية وفي المؤتمرات حتى غدا المواطن يسخر من التصريحات الرسمية لأنه يسمع جعجعة ولايرى طحيناً فكم من الشركات لايحصل عمالها على رواتبهم وكم من الشركات متوقفة لأن الحكومة تدرس أوضاعها ومازالت تدرس أوضاع هذه الشركات منذ سنوات.
الواقع يفرض نفسه بقوة ففي أي اتجاه نسير، اليوم المطلوب تغيير كامل في معالجة الواقع فشعار لا حياة في هذا القطر إلا للتقدم والاشتراكية بقي شعاراً يحاول البعض ترديده بين فترة وأخرى ولكن الواقع تغير وعلينا ان نلامس هذا التغير بعقلية منفتحة على الآخرين بشكل يحافظ على السيادة الوطنية التي يراهن الكثيرون عليها.
وهم يحاولون استغلال شعار الإصلاح لرهن اقتصادنا الوطني بحجة الاستثمار للشركات الأجنبية معتبرين ذلك انتصاراً كبيراً لنا، مع العلم بأن هذه السياسة خطرة وهي أخطر بكثير من الاستعمار القديم فلا يمكن أن نضع مقدرات بلادنا بأيدي شركات لانعرف رأس مالها من أين ومتى تستطيع أن تلعب لعبتها في تقويض اقتصادنا الوطني.
لذلك نتوجه إلى جميع القوى السياسية الوطنية للمشاركة الفعالة في التصدي للفاسدين والمفسدين ونقول لهم:
تعالوا لنتفق أن الأهم هو عدم السماح لأحد أن يفرط بالسيادة الوطنية فهي خط أحمر لا يمكن أن نسمح بتجاوزه.