بصراحة:العمال بين السلة الغذائية والسّوط؟!
عقدت في مقر الاتحاد العام لنقابات العمال ندوة اقتصادية تناولت سوق العمل وما يدور حوله من مشاكل، منها ما هو قديم ومنها ما هو مستجد مع الأزمة.
الندوة من حيث الشكل تكتسب أهميه خاصة لارتباط موضوعها «سوق العمل» وعلاقته بعملية إعادة تدوير عجلات الإنتاج، من أجل تطوير العمل الصناعي بشقيه الخاص والعام، وتطوير العمل الصناعي يعني في جانبه الأساسي تطوير قوة العمل باعتبارها الأساس في أية عمليه إنتاجية وبدونها لا يمكن الحديث عن صناعة أو زراعة، وقوة العمل هذه جرى تحميلها الوزر الأكبر في تعطيل العملية الإنتاجية، كونها ترفض العمل وعدم الالتحاق بسوق العمل الذي ينتظرها بفارغ الصبر وعلى أحر من الجمر، من أجل أن يساعدها هذا السوق صاحب «الأخلاق» الذي لا يتخلى عن مكوناته الأساسية حتى في الأزمات، ومكونه الأساسي هي قوة العمل، وبالطبع هذا السوق صاحب المكارم هو من ينصب ميزان الأجور للعمال وفقاً لقانونه الخاص، الذي أبدعه منذ بدء الطبقات بالتشكل.
إن الأحاديث والمداخلات والكلمات التي طرحت وقالت بأن العمال لا يرغبون بالعمل، ولابد من سوقهم بالسوط إذا ما تعذر التحاقهم بسوق العمل، وأن السلة الغذائية التي تقدم لهم هي إحدى عوامل تمنعهم عن العمل باعتبارها كافية، إن هذه الأقاويل قد جافت الحقيقية وقفزت عنها، والحقيقة مرَة ولكن لابد من قولها!.
أولاً: لننطلق من معادلة الدخل الوطني التي تحددها الأوساط الاقتصادية المتفائلة بأنها 20% أجور و80% أرباح، أي أنها تحدد حجم منتوج العمل المنهوب لصالح قوى رأس المال، وبالتالي الغبن الكبير الذي يلحق بالعمال والذي لا يكفي حتى لتجديد قوة عملهم، فعندما سيرغمون بالذهاب قسراً إلى العمل هذا يعني تعظيم قيمة الأرباح على حساب الأجور، وهذا موقف طبقي منحاز لطرف الأرباح.
ثانياً : السلة الغذائية المتحدث عنها، وهي أصلاً سله «مخصورة مكوناتها» توزع كل ثلاثة أشهر، وهي خالية الدسم لا تكفي لمدة أسبوع لشخص أو اثنين، فكيف لعائلة؟ وهذا الأمر يدفع بمن يراد جرهم للعمل قسراً أن يبحثوا عن مصادر إضافية لعيشهم بأشكال وألوان مختلفة، يعرفها سوق العمل وتجاره.
إن السياسات الاقتصادية التي تبنتها الحكومات، وما زالت، هي المسبب الأول والأخير عن التدهور في المستوى المعيشي للطبقة العاملة السورية، ولعموم الفقراء، حيث جمدت الأجور وعززت الأرباح، فكيف سيعمل العمال وفقاً لهذا المسار أيها «السادة»؟.