من يحمي العمال من إصابات العمل؟؟
إصابات العمل، الصحة والسلامة المهنية، الأمن الصناعي، جميعها عناوين لهدف واحد هو حماية الإنسان، وموقع العمل من الأخطار التي يتعرض لها أثناء العملية الإنتاجية، وتعتبر هذه العناوين من الأهمية لدرجة أن كل عنوان هو اختصاص بحد ذاته تقوم حوله الدراسات، ونستخلص النتائج، حيث من المفترض أن تعمم على المعامل والشركات، لا لتبقى على الورق، بل لتطبيقها، ومتابعتها حفاظاً على سلامة العامل، والآلة، والمبنى من الاحتمالات التي قد تقع أثناء العمل.
تشير تقارير منظمة العمل الدولية إلى زيادة إصابات العمل، وخاصة المميتة في الدول النامية، حيث ترتفع تلك الإصابات إلى أربعة أضعاف منها في الدول الصناعية مما يعني خسارات كبيرة في قوة العمل، وكذلك خسارة مادية قدرتها المنظمة بـ1.25 مليار دولار سنوياً.
أما في سورية، وهي جزء من البلدان النامية فإن المؤشرات تدل على ازدياد إصابات العمل بين العمال من عام لآخر، وخاصة في صفوف عمال القطاع الخاص الذين لا يخضع معظمهم للمظلة التأمينية، ولا النقابية مما يعني عدم تسجيل تلك الإصابات في سجلات التأمينات الاجتماعية، وفقدان العمال لحقهم الطبيعي في العلاج الكامل من تلك الإصابات التي قد يكون الكثير منها إصابات دائمة تعيق العامل المصاب عن متابعة عمله، حيث يترك لمصيره، لأن أرباب العمل وفق منطق الربح والخسارة يعتبرون تسجيل العمال في التأمينات الاجتماعية زيادة في التكاليف تقل من نسب الربح لديهم.
من هنا فإن وزارة العمل والنقابات العمالية تتحملان المسؤولية الكاملة عن حقوق هؤلاء العمال المصابين، وضرورة العمل على تأمينها، وفق الأنظمة، والتشريعات التي تمكّن وزارة الشؤون من الإشراف وإلزام أرباب العمل على تسجيل عمالهم وفق أجورهم الحقيقية، وأيضاً أن تفتش مكان العمل من حيث إجراءات الصحة والسلامة المهنية، والأمن الصناعي، وكل الاحتياطات الضرورية التي تؤمّن سلامة العامل من الإصابة، و تقلل أضرارها الجسدية والنفسية.
جاء في الإحصائية الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء تحت عنوان (توزيع إصابات العمل حسب طبيعة العمل الذي نتجت عنه الإصابة خلال عام 2004) جدول 15/3، 16/3:
إن الأرقام الواردة في الجدولين لا تعبر بدقة عن حجم الإصابات، لأن هناك الكثير من الإصابات المميتة، والإصابة بالسرطانات خاصة لعمال الصناعات الكيميائية، والبترولية، وأيضاً الأمراض الصدرية لعمال النسيج، والمناجم، وعمال المرافئ، والإسمنت، جميعها لم تشملها الإحصائية، ولكنها أشارت إلى بعض الإحصائيات التي تشمل فقط عمال القطاع العام، الذين يحالون إلى التأمينات الاجتماعية في حال إصابتهم، أما عمال القطاع الخاص، فإن معظمهم لا يحال إلى التأمينات، بل يعالج مؤقتاً من قبل رب العمل، وبعد ذلك إلى البيت ليصارع المرض الناتج عن الإصابة دون أن تقدم له أية معونة مادية أو حتى معنوية.
إن أسباب وقوع الحوادث وإصابات العمل كما حددتها مجلة التأمينات الاجتماعية هي:
أولاً: أسباب بيئية أو بيئة العمل غير مأمونة: تشمل بيئة العمل (المبنى ومحتوياته)، من آلات، ومعدات، وأدوات إضافة إلى جو العمل بداخله ومن أهم هذه الأسباب ما يلي:
1ـ المبنى من حيث سوء السقف أو الجدران أو الأرض، أو الأجهزة، أو المعدات ووجود عيوب عند تصميمها، أو إنشائها أو أحجامها غير مناسبة.
2 ـ الأجهزة، والآلات، أو المعدات، أو الأدوات غير مزودة بحواجز أو وسائل وقاية، أو قد تكون مزودة بوسائل غير مناسبة أو غير كافية، أو نزع وسائل الوقاية بواسطة أشخاص غير مختصين.
3 ـ الآلات والمعدات أو الأجهزة تلفت من الاستعمال أو من سوء الاستعمال.
4 ـ عدم مراعاة إعداد وسائل وقاية مناسبة حول أو عند مناطق الخطر في العمليات الخطرة عند وضع خطة العمل.
5 ـ عدم إعداد وسائل لصرف فضلات الصناعة الصلبة، أو السائلة، أو الغازية بطريقة مأمونة.
6 ـ النقص في التنظيم، والترتيب، والنظافة للأدوات، و المواد والممرات.
7 ـ إضاءة غير كافية أو غير مناسبة.
8 ـ التهوية غير مناسبة، سواء النقص في الهواء النقي أو تلوث الهواء.
9 ـ العمال يستخدمون ملابس غير مناسبة للعمل.
ثانياً: أسباب سلوكية أو سلوك الأفراد في العمل غير مأمون، ومن أهم هذه الأسباب:
1 ـ النقص في التدريب أو الخبرة أو تأدية العمل بطريقة غير مأمونة.
2 ـ عدم مناسبة الشخص للعمل.
3 ـ عيوب شخصية أو نفسية في الأفراد كالإهمال أو الاستهتار..الخ.
إن التمعن بالأسباب المؤدية لإصابات العمل يطرح تساؤلاً مهماً:
ـ هل المديريات المختصة في المعامل والشركات تقوم بتأمين ما يلزم من أجهزة وقاية للعمال وتأمين سليم لبيئة العمل؟!
ـ هل يجري الاستفادة من الدورات الخاصة بالصحة والسلامة المهنية التي تقام في المعهد النقابي المركزي لتوعية العمال بالمخاطر الناتجة عن العمل من خلال التعليمات والإرشادات الضرورية للوقاية وتدريب العمال على الاستخدام السليم وماشابه ذلك؟؟
إن الإصابات الكثيرة التي يصاب بها العمال تدل على إهمال واضح بهذا الخصوص، وزيارة واحدة لبعض المعامل في القطاع العام أو الخاص تؤكد ما تقول وتؤكده أيضاً تقارير النقابات.