عادل ياسين عادل ياسين

بصراحة غارة أخرى... المطلوب إزالة آثارها

الغارة العنيفة التي شنتها الحكومة مؤخراً على فقراء الشعب السوري، والتي استخدمت فيها كل القذائف المحرمة شعبياً، والتي أسفرت عن خسائر فادحة سيبقى الشعب السوري، وفقراؤه يعانون من أثارها طويلاً، لأن تلك الغارة الليلية، والتي جرى التحضير لها جيداً عبر قصف مدفعي تمهيدي تمثل في الطروحات المتدرجة للفريق الاقتصادي برفع الدعم عن المشتقات النفطية، لما يسببه هذا الدعم، كما يقول الفريق الاقتصادي، من خسائر فادحة لخزينة الدولة، بسبب ارتفاع الأسعار عالمياً، وبسبب التهريب الواسع الذي يتم أمام أعين الحكومة وأجهزتها التي يفترض بها ضبط الحدود، ومنع عمليات التهريب، العمليات التي لا يقوم بها العمال والفقراء في هذا الوطن.

إن الأسوأ في حديث الحكومة عن مبررات رفع الدعم، أن الوفر الذي سيتحقق سوف ينعكس على الإنتاج الزراعي والصناعي، وعلى المواطنين، وعلى العمال بزيادة مجزية في أجورهم، وبحزمة من الإجراءات التي ستساعد على سد الثغرة الواسعة بين الأجور والأسعار، ولكن ما لمسه شعبنا، ما لمسناه نحن العمال جعلنا نطرح آلاف الأسئلة المشروعة حول هدف الحكومة النهائي من جملة هذه الإجراءات التي تقوم بها، ولمصلحة من؟!

في الحوار الذي أجرته «قاسيون» مع عدد من العمال والنقابيين حول آثار رفع الدعم، وهل الزيادة (المجزية) تكفي لمجابهة ارتفاع الأسعار الجنوني، فكانت إجاباتهم صادقة، ومعبرة عما سيؤول إليه حالهم، وما ينتظرهم من حرمان إضافي سينعكس على حياتهم وحياة أطفالهم، ومستقبلهم، من حيث القدرة على تعليمهم، ورعايتهم صحياً.

ـ إحدى العاملات قالت: الزيادة نكبة علينا، لأن الأسعار ارتفعت مجدداً بمجرد الإعلان عن الزيادة، ونحن دفعنا هذه الزيادة قبل أن نستلمها.

ـ عامله أخرى قالت: إن الحكومة تقوم بالفوضى الخلاقة داخل الشعب السوري.

ـ عامل من القطاع الخاص يقول: لم يصبنا من الحب جانب، لأن أرباب العمل لا يعطوننا الزيادة رغم القرارات التي تصدرها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

ـ أحد النقابين أجاب: إن الزيادة لم تلبِّ الحاجات المطلوبة، وهي أقل مما كنا نأمل حسبما وعدت الحكومة بأنها زيادة مجزية.

إذاً ما قامت به الحكومة من إجراء ليس مقبولاً عند الشعب، ولا يعبر عن مصالحه، بل هو تحقيقٌ لمصالح قوى السوق الكبرى، حيث سيزيد من نهبها أكثر، نتيجة لارتفاع الأسعار واحتكار المواد الغذائية، بسبب غياب دور الدولة الحقيقي، وترك هذا الدور للتجار والسماسرة، وحلفائهم من المتنفذين الذين يقررون جميعاً ما يجب أن تكون عليه الأسعار المحررة من قبل الحكومة، دون رقيب أو حسيب، ولا يهمهم إن جاع الشعب، ووقف بطوابير طويلة أمام الأفران، ونحن من ينتج القمح، ولا نستورده. هذا بالإضافة إلى ما سيتعرض له العمال في القطاع الخاص، وهم أغلبية الطبقة العاملة، من عمليات تسريح بسبب تكاليف الإنتاج الإضافية، الناتجة عن ارتفاع أسعار المازوت، مما يعني عدم قدرة المنشآت الصناعية، خاصة منها الصغيرة والمتوسطة، على الإنتاج وتصريفه، وبالتالي إفلاسها، مما يعني زيادة في أعداد العاطلين عن العمل، أو قيام بعض المعامل وخاصة (الألبسة)، بالتصنيع في الصين ووضع الماركة عليها واستيرادها إلى سورية ثانية، وبالتالي التخلص من عمالها كلياً أو جزئياً، وهناك أمثلة.

إن هذه الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة قد أصابت الوضع الاقتصادي الاجتماعي إصابة موجعة، وجعلتنا نتساءل: هل صدفة أن يُصعِّد الفريق الاقتصادي إجراءاته الاقتصادية، التي استفزت فقراء الشعب السوري، مع تصاعد الضغوط السياسية والاقتصادية والأمنية التي تقوم بها الإمبريالية الأمريكية والصهيونية، و(دول الاعتدال العربي)؟! وهل تلك الخطوات تعزز الوحدة الوطنية، لتساهم في تعزيز موقف الممانعة السوري؟!

إن القوى الوطنية والشريفة، وفي مقدمتها الحركة النقابية والطبقة العاملة السورية، لن تقف متفرجة وعلى الحياد، أو تطبل وتزمر لهذه الإجراءات، بل ستقول كلمتها، لأن الوطن في خطر.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.