زهير مشعان زهير مشعان

...وبدأت المؤتمرات النقابية العمالية في دير الزور!!

هل ما زال يقال عن المؤتمرات العمالية وغيرها أنها أعراسٌ ومحطات للمراجعة والانطلاق من جديد؟! أم أنها أصبحت لقاءات للشكوى والأنين، أو مجالس عزاءٍ للنواح وذكر محاسن الموتى من المؤسسات والشركات والمعامل التي تغلغل فيها السرطان الطفيلي والبيروقراطي الليبرالي بالفساد والنهب والهدر، ولم يقدم لها العلاج اللازم، فأوشكت على النهاية، وتقوم الحكومة -مدعية إنقاذها- بإطلاق ما يسمى رصاصة الرحمة عليها بالخصخصة أو الاستثمار، ثُمّ تنتهي هذه المؤتمرات بغداء كما العشاء الأخير للسيد المسيح؟!

من يتابع المؤتمرات النقابية رغم ازدياد أوضاع العمال والمعامل سوءاً من جميع النواحي، يجد أنّ حرارتها لم ترتقِ إلى مستوى المعاناة والحقوق الضائعة والكرامة المستباحة للوطن والمواطن!! فالمطالب ذاتها تتكرر منذ سنواتٍ، والمذكرات ذاتها ترفع، لكن الحكومة تضع في أذنٍ طيناً وفي الأخرى عجيناً، فأصبحت اليد المنتجة لا تطال الدفاع عن نفسها. ثُمّ تخلت الحكومة عن الشراكة التي ادعتها، وأخيراً أصبحت تفعل ما تُريد دون أنّ يردعها أو يحاسبها أحد!
تابعنا بعض هذه المؤتمرات سواء مباشرةً أو عبر التقارير: الصعوبات والتوصيات والمقترحات والمداخلات المقدمة من مكاتب النقابات ولجانها وعمالها .. وكانت المطالب المتكررة ذاتها، كاللباس ونوعيته وسعره، والوجبة وقيمتها، وتعويض طبيعة العمل والاختصاص، وصعوبة العمل وأذون السفر والسكن العمالي، أو الجمعيات وتثبيت المؤقتين، ودور النقابيين والعلاج الصحي وقدم الآليات والفوارق فيه، مع بعض الخصوصيات بين نقابة وأخرى أو هذه اللجنة  أو تلك. وسنورد بعضاً منها:
 
نقابة عمال الطباعة والإعلام :

- لجنة الإرسال الإذاعي: نحن في 2010 ويحسب تعويض الاقامة وفق عام 1976!! وطالبوا بمعاملتهم بالوجبة كالعاملين في التلفزيون.
- لجنة جامعة الفرات : طالبت بتسوية وضع السائقين ومعاملتهم كفنيين في الفئة الرابعة وليس الخامسة، وأنّ الأطباء في المستوصف العمالي يتقاضون أموالاً زائدة من العمال المرضى بحجة التصوير وزيادة أجور الكشف!!
- لجنة العاملين في مديرية الثقافة: طالبوا بزيادة عدد العاملين من ذوي الاحتياجات الخاصة، وذكروا أنّ لا طبابة للعمال نهائياً!!
- لجنة العاملين في التربية: طالبت بتعبئة الشواغر الكبيرة بالمستخدمين في الريف والمدينة، ومنحهم تعويض المناطق النائية كالمعلمين، وإيجاد مراكز صرف اللباس أو قيمته في المناطق كالبوكمال والمياذين وهجين.
 
نقابة عمال البناء والأخشاب:

- لجنة شركة الطرق والجسور: طالبت بجبهات عمل محلية على الأقل، لأنها لم تنفذ في عام 2009 أي عقد محلي، ومنح العمال طبيعة العمل كأمثالهم  في شركة قاسيون.
- لجنة المشاريع المائية: طالبت بعدم تأخير صرف الكشوف الشهرية من الجهات العامة، مما يؤدي إلى تأخر صرف رواتب العمال.
- لجنة مركز التدريب المهني: طالبت بزيادة المنحة الشهرية للطلاب لتشجيعهم على الانتساب والمتابعة والعمل.
- لجنة الموارد المائية: أكدت على تنمية الوعي لدي الفلاحين في ترشيد المياه، ونقص الكوادر الفنية والادارية.
- لجنة التشغيل والصيانة: طالبت بسرعة توزيع الأراضي المستصلحة لتنظيم عملية الري وتحصيل رسومها.
- لجنة فرع حوض الفرات: طالبت بتطبيق قرار العطلة ليومي الجمعة والسبت، وتمليك المساكن العمالية لساكنيها كما في مدينة الثورة، وإنهاء أعمال التحديد والتحرير في القطاع الثالث، وصرف قيمة السماعة الطبية كالنظارة .
- لجنة شركة البناء: أشارت إلى تسليم مشروع السكك الحديدية لفرع طرطوس، ومشروع المصرف الزراعي بالكسرة، والمجمع القضائي في البوكمال، والمدرسة الفندقية لفرع حمص، وهذا ما حرم فرع الشركة بدير الزور من جبهات عمل. وزيادة أسعار المواد وأجور العمل في السنوات الأخيرة أدى إلى انخفاض نسب التعاقد والتنفيذ من المتعهدين الثانويين.
 
نقابة عمال التنمية الزراعية:

- لجنة المبقرة: نقص بالعمالة والأطباء البيطريين والسيولة المالية، بسبب ديونها البالغة 10 ملايين على شركة الخزن والتسويق وقدم المبنى، ونضيف في «قاسيون» أن قدم البناء وتهالكه يطرح مسألة نقل المبقرة خارج نطاق المنطقة السكانية لما تسببه من روائح وأمراض، كما يطرح مسألة إنشاء معمل ألبان مجدداً رغم أنه مطروح منذ سنوات وهناك من يعرقله رغم توفر الحليب الذي ينقل إلى دمشق!!
- لجنة المصالح العقارية: نقص كبير جداً في الكوادر، والموجودون لا يتناسبون مع حجم العمل الكبير، ويضاف لذلك افتتاح منطقتي البوكمال والمياذين.
-  لجنة مركز البحوث العلمية: طالبت بالوقوف على أسباب ما حدث في بذار الشوندر في الموسم الماضي، وخسارة الفلاحين والدولة، وأن وزير الزراعة يوقف تعويضات الانتقال رغم توفر شرطي المسافة والزمن وهذا مخالف للقوانين.
- لجنة مركز الأعلاف: تناولت معاناة العاملين من نقص الأجهزة كالقبان، حيث يوجد 11 مركزاً للتوزيع وقبان واحد!! وكذلك الفاقد في المستودعات نتيجة الظروف البيئية.
- أحد العمال طرح معاناة العمال الذين طالبوا بتعديل وضعهم ونقلهم إلى الفئة الثانية من حملة المعاهد، وهؤلاء ملزمون بتقديم الاختبار الوطني للغات والحاسوب، بينما حملة الثانوية والجامعة غير مطالبين بذلك.
 إنّ هذا يبين برأينا أنّ تهميش المنطقة الشرقية يشمل شركاتها وعمالها أيضاً من خلال حرمانها من جبهات العمل، كما يكشف ادعاءات الحكومة عن وجود عمالة فائضة وعدم سعيها لاستيعاب البطالة التي تزداد يوماً عن يوم، ورغم اقتطاعها من الشركات والمؤسسات قيمة الاهتلاك فيها إلاّ أنها لم تقم بتجديدها، وهذه سرقة مكشوفة انعكست على العمل والعمال والإنتاج .
ويلاحظ أيضاً في تلك المؤتمرات ندرة التطرق للنهج الاقتصادي الليبرالي للطاقم الاقتصادي وانعكاساته على أمن المجتمع والوطن من جميع النواحي، والضعف الشديد للقوى السياسية، وحقوق الطبقة العاملة في التعبير عن رأيها، وأولها حقّ الإضراب، بينما يعتبر أحد القياديين أن حقوق الطبقة العاملة في سورية في القانون متوفرة أكثر من أي دولةٍ في العالم، وأنّ لا سيادة على مؤتمراتها، بينما الواقع يبين عكس ذلك. وقيادي آخر يحاول حصر المناقشات في المؤتمرات بموضوع التقارير، معتبراً العمل النقابي هو المحور فقط، دون طرح معاناة الشركات أو معاناة العامل كمواطن!!