اجتماع فرع نقابة المحامين بالسويداء: مداخلة النقابي نبيل يوسف ضو

من أجل أن تبقى سورية التي نحب قوية عزيزة الجانب، وعصية على من يريد لها شراً، نؤكد دائماً على التغيير والإصلاح بكل تجلياتهما، وقد أصبحا اليوم مهمة وطنية لا تقبل التردد ولا التأجيل، ولنبدأ بالإصلاح السياسي بكل ما يعنيه هذا الإصلاح من إشاعة للديمقراطية التي تهدف إلى إعادة بناء الدولة المدنية الحديثة، وإطلاق الحريات العامة، وتنظيم الحياة السياسية عبر قانون عصري للأحزاب، وتنظيم الإعلام والانتخابات وفقاً لقوانين حديثة، وإلغاء قانون الطوارئ ورفع الأحكام العرفية، وإطلاق سراح جميع معتقلي الرأي والفكر، وفتح جميع الأبواب لحرية التعبير، والقبول بالرأي والرأي الآخر، والعمل على ترسيخ سيادة القانون والفصل بين السلطات. إن هذا الإصلاح هو المنطلق والضمان لتحقيق التطور الاقتصادي والاجتماعي المطلوب والمأمول، بغية الوقوف في وجه كل من تسول له نفسه النيل من سورية ومن صمودها.

كلنا يلمس هذه الأيام بداية انهيار النظام الرأسمالي ونهجه الليبرالي الجديد، فهذا النظام يمر بأسوأ أزمة اقتصادية شهدها في تاريخه، وقد أثبتت الأيام أن وصفات البنك وصندوق النقد الدوليين قد خربت اقتصاديات الدول التي أخذت بها، وعلى الرغم من ذلك يصرُّ من يديرون دفة اقتصادنا على المضي في تطبيق تلك الوصفات، وقد تجلى ذلك بتخلي الحكومة عن دورها الرعائي والموجه، وتسليمها لمقاليد الإدارة الاقتصادية والاجتماعية، ونواياها المعلنة بالخصخصة، وفتح الاقتصاد، وتحرير التجارة، ورفع الدعم عن المواد والسلع الأساسية، مما أدى إلى تباطؤ الإنتاج، وازدياد البطالة، وتراجع الخدمات، وتفشي الفساد والنهب، وتدهور أحوال المنشآت الاقتصادية، وانخفاض مستوى المعيشة للغالبية العظمى من المواطنين، وإفقار البلاد والعباد، فوصلنا إلى شفير الهاوية، إن لم نقل إلى آتونها.
لقد ظهرت نوايا الفريق الاقتصادي على حقيقتها عندما صرح نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية دون مواربة عن توجهاته الاقتصادية/ في اجتماع عام في مدينة السويداء بتاريخ 30/9/2008، حيث قال: «إن سياسة السوق الاقتصادية تعتمد اقتصاد السوق، ولا يوجد اقتصاد سوق اجتماعي، وإنني أتبنى هذه السياسة، وأنا مسؤول عنها، ولقد أتوا بكلمة اجتماعي وهي إضافة لا لزوم لها، والصحافة تهاجمني على تبني اقتصاد السوق، فليكتبوا ما يكتبون» ولا شك أن هذه التوجهات مخالفة لتوجهات القيادة السياسية.
إن الإجهاز على القطاع العام الذي يخطط له الفريق الاقتصادي هو إجهاز على آخر أمل يتعلق به مواطننا، فهذا القطاع هو قطاع للشعب بأسره، وهو نتاج جهده وتضحياته، فهو خبز وكرامة المواطن البسيط الصابر، إنه كساؤه وملاذه في وجه أعاصير السوق الحرة، وسطوة المال، والتحرير المتسارع للاقتصاد، وهو ضمانة الفئات الفقيرة من أبناء الشعب، لذلك أصبح الإسراع بتغيير سياسة الفريق الاقتصادي مطلباً شعبياً ووطنياً ملحاً، لأن سياسته أصبحت في واد ومصالح الشعب في واد آخر.
وعلى صعيد عملنا كمحامين فإن نقص القضاة في المحاكم، ورفع الأوراق للتدقيق عدة مرات ولفترة طويلة، وقلة عدد العاملين في العدلية، والتأخر في طباعة القرارات خصوصاً في محكمة الاستئناف المدني، وتأخر عناصر الشرطة في التبليغ، والخطأ المتعمد أحياناً في التبليغات، كل ذلك يعرقل سير العدالة، وينعكس سلباً على عملنا.