مهندسو دير الزور في مؤتمرهم السنوي: تجار العقارات والفاسدون يربحون.. والمهندسون يضرسون!!
عقد مهندسو دير الزور في 19/2/2009 مؤتمرهم السنوي تحت شعار:
«يجب ألا تطلق الوعود إلا عندما يمتلك الإنسان كل العناصر التي تؤدي إلى تحقيق العمل المطلوب..»
قبل عرض المداخلات والأجوبة نتساءل: هل عقد المؤتمرات تحت ظل الشعارات يحقق العمل المطلوب، أم أن الفعل الحقيقي الذي تنعكس نتائجه على الشعب والوطن هو المقياس؟!! أليست وعود الحكومة وطاقمها الاقتصادي بالتنمية، وأرقامها الوهمية وإجراءاتها تتنافى مع هذا القول والواقع، بل ومست بأضرارها حتى المهندسين الذين تحول قسم كبير منهم من الشريحة الوسطى إلى الشريحة الفقيرة، واضطر كثير منهم إلى الهجرة إمّا من القطاع العام إلى الخاص، أو إلى خارج الوطن، وبالتالي خسرنا خيرة كوادرنا الفنية؟!
كل هذه التساؤلات طرحها مهندسو ديرالزور في مؤتمر نقابتهم السنوي، بالإضافة إلى قضايا كثيرة أخرى عامة وخاصة...
- المهندس وائل عزاوي: أكد أن «الإشراف الهندسي يجب أن يكون حقيقياً، وليس حبراً على ورق، إذ تأتينا حالات متعددة من دوائر الدولة للتوقيع على الإشراف بعد أن يكون المشروع قد انتهى ونفّذ أو أوشك على الإنتهاء، نطالب ألاّ يتم توقيع أي عقد إلا بإشراف وعلم النقابة» وتساءل: مهندسونا الذين يعملون في شركات النفط ممنوعون من السفر، وأسماؤهم على الحدود، فلماذا لا تحاول الحكومة المحافظة عليهم عن طريق الترغيب، وليس الترهيب؟!
- المهندس مهيدي الجراد: طرح العديد من المطالب شملت واقع مهنة الهندسة والنقابة، وكذلك الشأن العام، منها :
نقابة المهندسين واحدة من منظمات المجتمع الأهلي، ومن المفترض أن تكون شريكا فعّالاً في عملية التنمية، وليس شريكاً شكلياً، نطالب بتفعيل القرار 436 تاريخ 10/6/2008 الخاص بجمعية المهندسين المعماريين .
في الشأن العام: الحكومات السابقة وعلى مدى عقود اعتمدت التخطيط المركزي، فجرى الاعتداء على الطرق المركزية والمساحات الخضراء، بالإضافة لأزمات الكهرباء والماء، وتحول الوطن إلى أربعة مراكز استقطاب في أربع محافظات فقط، وقد عقد مؤتمر أعد مشروعاً لهيئة تخطيط إقليمي في عام 2007، ولكن المشروع بقي في الأدراج، فهل المطلوب بقاء الفوضى والأزمات والخراب تحت تبريرات واهية بأن سورية لا تملك الإمكانيات؟!! هل الأردن مثلاً لديها إمكانيات أكثر منّا؟!
البادية تشكل 55% من مساحة سورية، وأمطارها أقل من 60مم، وقد تعرضت منذ التسعينات لتخريب واضح، وأزيل الغطاء النباتي الذي تكون فيها عبر ملايين السنين، وأفادت منظمة «أكساد» أنه يمرُّ في سورية سنوياً 574 مليون طن من التراب، منها نحو 1600 طن في عجّة واحدة على دير الزور، نطالب بحماية البادية وإعادة تعميرها.
نستغرب محاولة تأجير 780 ألف دونم من أراضي الوطن لدولة قطر، منها حوالي 75 ألف دونم كأراضي مغلقة خاصة، ولمدة طويلة، بحجة تنمية البادية!!
نطالب بتحديث المدينة، وتنظيم التوسع العمراني، ووضع دراسات لعمارة بيئية تتناسب وظروف المناخ والتراث، وبالإسراع بتنفيذ طريق (دير الزور –الميادين- البوكمال) المركزي، وسكة حديد دير الزور-تدمر، والاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة، ودعم الجامعة والتعليم، حيث بلغ عدد التلاميذ المتسربين في النصف الأول من عام 2008 /1670/ طالباً ذهبوا لنبش الحاويات، وبيع الدخان، ومسح السيارات، والسرقة.. أي هبطوا إلى قاع المجتمع!!
ونؤكد على ضرورة رعاية الشريحة الوسطى لدورها بالتنمية، وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني واحترام القانون .
ونتمنى على الحكومة أن تخفف اندفاعها نحو اقتصاد السوق الحر، والأخذ بعين الاعتبار التنافسية الرأسمالية، ونتائج الأزمة المالية العالمية الحالية، وانعكاساتها علينا. ومعالجة تدني العمل والإنتاج في القطاع العام الإنشائي والصناعي والزراعي، لأهميته في عملية التنمية، فكيف نستورد القساطل من تركيا، ولدينا قساطل بالمواصفات نفسها؟!
- أحد المهندسين بيّن أن سوء التنفيذ في الأبنية العامة والخاصة، تُحمّل المسؤولية فيه لمهندسي النقابة، وهذا ليس واقعاً، فتسليم المهندسين الجدد مشاريع عامة أكبر من طاقتهم ينتج عنه سوء التنفيذ، وطالب بالإسراع بنقل أملاك الدولة ضمن المخططات التنظيمية إلى مجلس المدينة.
- المهندس قتيبة السيد: أكد على الحفاظ على مجرى نهر الفرات (الفرع الصغير) في المدينة وطوله 11كم، وإذا عجز مجلس المدينة عن استثماره، فليستثمر بمشاركة آخرين. وهنا نؤكد في قاسيون أن تهيئة ضفتي النهر ليس صعباً، ويجب أن تكونا متنفساً بيئياً للمواطنين وليس للمستثمرين !!
- الدكتور المهندس عبد الرحمن: لقد تكررت المواضيع المطروحة أكثر من مرة، كزحف المنطقة الصناعية على المنطقة السكنية، وتقرر نقلها ولم ينفذ القرار، نطالب بنقل المنطقة الصناعية مع الخانات.... وقد صرفت مئات الملايين على الصرف الصحي، إذ لا توجد أية محطة معالجة في المحافظة، وأهالي شرقي المدينة يعانون من الروائح الكريهة، أما أهالي غرب المدينة فيعانون من تسرب الغاز في أحدى الآبار النفطية، فهل 200 برميل نفط أهم من صحة الشعب؟! علماً أنه توجد حلول فنية لهذه المشكلة..
وأخيرا الازدحام يتزايد في المدينة، ولا تعديلات على المخططات، فكيف نبني أبراجاً سكنية في وسط المدينة، ولا يخصص في الطابق الأرضي كراج للسيارات مثلاً؟!
- المهندس رحيل الجاسم: الصرف الصحي في الريف كلف أموالاً طائلة، لكن نوعية القساطل من الناحية الهندسية لا تعمل إلا لمدة سنة أو سنتين، وتتجمع فيها الأوساخ، بالإضافة لتلويث نهر الفرات... إن الاهتمام بالصرف الصحي من علامات التحضر، ولذلك يجب وضع محطات معالجة وجور فنية بكل قرية.
- المهندس وليد الحاج علي: طرح قضايا تهم الصالح العام، كتفريط بعض أصحاب النفوس الضعيفة بجودة وأمان البناء، فمثلاً هناك بناء ثقب سقفه بدعامة خشبية فانهار السقف الذي يليه، المطلوب عدم إفراز أي عقار إلا بإشراف وتقرير، وفق القانون 1 لعام 2003، فالأبراج المبنية لا تحقق شروط الأمن والسلامة، و حريق مؤسسة التأمين، وحريق النفط، أمثلة شديدة الدلالة على إهمال تلك الشروط، كما أن القمصان الزفتية المنفذة غير علمية ولا تلبي الشروط الفنية، ويجب القشط قبل التزفيت، والحصويات المستخدمة في بناء المنشآت مصادرها غير مقبولة فنياً، بسبب نسبة الأملاح والغضار العالية، وتستخدم في الأبراج، فلا توجد فرازات ومصاول نظامية، وبتدرج حبّي، ولا مجابل لأعمالنا البيتونية..
وفي القضايا النقابية أشار لضرورة إلغاء ترقين المهندس المتقاعدين، والسماح لههم بمزاولة بعض الأعمال، وتفعيل دور المهندس المشرف، وبيان دور المهندس المقيم. وتساءل: هل المكاتب الاستشارية حقيقة أم وهم؟ فالشروط التي صدرت في عام 2001 تتناسب مع المكاتب الكبيرة المستقرة، وكل ما عداها ستعمل لديها كدكاكين!!
وتساءل: أين النقابة من قانون التحكيم رقم 4 لعام 2008، وخاصة مواده 57 و59؟!
- المهندس أسامة الرحبي: أكد أن المشاريع الاستثمارية للنقابة يجب أن تكون حقيقيةً على الأرض، وليس مجرد حبر على ورق، وطالب بتحميل فرع النقابة مسؤولية صرف مبالغ للمهندسين، وضرورة تغريم مجلسها المبلغ مع فوائده .
وقد جاءت ردود ممثلي الجهات الرسمية على هذه المداخلات فضفاضة وعامة بمعظمها، فردود المحافظ جاءت بقسم منها عامة، كتأكيده على دعم التعليم والجامعة، وذوي الاحتياجات الخاصة، وتنمية المنطقة الشرقية والتخطيط الإقليمي. وقدم وعوداً أخرى بمتابعة بعض القضايا كالطرق والسكك الحديدية، والقضايا الفنية والخدمية التي تحتاج إلى إعادة النظر. ونعذره كونه باشر مهامه حديثاً، لكن اثنين من الأجوبة لفتا انتباهنا في حديثه: الأول يتعلق بالمهندسين، إذ اعتبر أن هناك خلطاً بين مهماتهم ومطالبهم، وحملهم المسؤولية. والثاني فيما يتعلق بتخفيف اندفاع الحكومة في تطبيق السوق الحر، حيث قال: لا يوجد لدينا اقتصاد حر، وإنما اجتماعي. فبخصوص الإجابة الأولى فإن من يتحمل المسؤولية ليس المهندسين وإنما الفاسدون والمفسدون ومن وراءهم من المسؤولين الذين يملكون القرار، وبخصوص الإجابة الثانية فإذا كان النائب الاقتصادي ذاته قد أكد أن صفة «اجتماعي» قد ألصقت لصقاً بواقعنا الاقتصادي، وليس لها وجود على أرض الواقع، فكيف ينكر المحافظ حقيقة اندفاع الحكومة في تطبيق الاقتصاد الحر
أما الدكتور المهندس طه الخليفة أمين فرع البعث فقد أكَّد على دور النقابة في عملية التنمية، وتناول الموقف السياسي السوري من المقاومة ودعمها.