عمل النساء بين الاستغلال والحاجة
ميلاد شوقي ميلاد شوقي

عمل النساء بين الاستغلال والحاجة

نتيجة للأزمة التي تمر بها البلاد  والتي أدت إلى هجرة الكثير من الأيدي العاملة، ومن جميع المهن، وبالإضافة إلى حاجة العائلات السورية إلى اكثر، من معيل بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية أو فقدان بعض العائلات لمعيلها الوحيد بسبب الحرب. 

هذه الأسباب كلها أدت إلى انتشار ظاهرة عمل النساء وتوسعها، حتى داخل بعض فئات المجتمع التي كانت ترفض فكرة عمل المرأة، ولكنها وجدت نفسها مضطرة في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة للسماح لهن بالعمل، وبتن يعملن في أغلب المهن حتى التي كانت إلى الأمس القريب حكراً على الذكور فقط، بالإضافة إلى عملهن في المجال الخدمي كالبيع والمقاهي والمطاعم وحتى على البسطات، وتوجه قسم لا بأس به إلى المعامل والورش الصناعية والحرف اليدوية.

ولكن القطاع الخاص، وخاصةً القطاع الخاص غير المنظم، الذي توسع كثيراً خلال الأزمة، الذي سمته الأساسية أن العامل أو العاملة محرومان من أية حقوق تذكر لهذا لم يتورع عن استغلال هؤلاء واستغلال حاجتهم للعمل فالعديد من المنشآت تعهدن إلى النساء بأعمال شاقة لا يستطعن القيام بها، وتتطلب جهداً كبيراً، كأعمال الحمل والجر والعتالة  وفي الورش الصناعية يعملن على آلات خطيرة والثقيلة (كالمكابس) دون مراعاة لجنسهن أو عمرهن و قدرتهن، عدا عن بقائهن لساعات طويلة تتجاوز اكثر من عشر ساعات في العمل وما لهذا من عواقب سيئة على الأطفال واهمال تربيتهم دون أن يكون بأيدي هؤلاء أية وسيلة للاعتراض خوفاً من تعرضهم للفصل من العمل .

أما عن أجور النساء، فهي بشكل عام أخفض من آجر الشاب وتكاد لا تسد الرمق فمثلا راتب الفتاة في مجال بيع الألبسة لا يتجاوز 10 الاف ليرة سورية فقط ،وفي المعامل لا يتجاوز 20 ألف (عدا عن تعرضهن للتحرش أو اعتمادهن وسيلة لجلب الزبائن كما تفعل اغلب المقاهي والمطاعم)، ويعملن من دون عقود عمل نظامية ولا يوجد جهة حكومية أو نقابة تحميهن أو تدافع عنهن.

وزارة العمل التي عادت بالتشكيل الوزاري الجديد إلى سابق عهدها من جهتها لم تحرك ساكناً، ولم تقم بواجبها من حيث إرسال دورياتها ومفتشيها  إلى المنشآت، لبحث أحوال وظروف عمل النساء خلال الأزمة وهي لا تعتبر هذه مشكلة أساساً بل اعتبرت أن عمل النساء هو تطور إيجابي من حيث خروج المرأة ومشاركتها بالنشاط الاقتصادي وخطوة باتجاه تحررها، كما أعلنت ذلك الأمم المتحدة أيضا!! دون أن تذكر الظروف المأساوية التي أجبرت هؤلاء على العمل، ولم تشرح لنا الوزارة ما هي طبيعة هذا النشاط  الاقتصادي وظروفه ولمصلحة لمن؟