وزارة الشؤون تناقش قانون العمل نقاشات بالغة الأهمية... بعد فوات الأوان!!
بحضور أكثر من /270/ شخصية إعلامية وحقوقية ونقابية، وتحت رعاية «جمعية الموارد البشرية في سورية» دعت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ديالا الحاج عارف لمؤتمر صحفي لمناقشة قانون العمل بعد إصداره وإقراره، والمضحك أن هذه الجلسة التي جاءت دعوتها باسم الوزيرة شخصياً اعتذرت الوزيرة عن حضورها لارتباطها بموعد آخر، ومن المضحك أيضاً أن هذا المؤتمر كان المفترض به أن يعقد عندما كان مشروع القانون يدرس ويقر في مجلس الشعب، لا بعد أن أقر بكل ما يحويه من مواد لاقت اعتراضاً كبيراً من العمال والحقوقيين. لهذا فإن كل النقاشات التي دارت في المؤتمر على أهميتها كانت دون فائدة.
واللافت أن راكان إبراهيم معاون وزيرة الشؤون الاجتماعية الذي تحدث في المؤتمر الصحفي بغياب الوزيرة («بعذر شرعي» حسب رأيه) وقع في مطبات لا يحسد عليها، وخصوصاً فيما يتعلق برأيه ببعض مواد القانون التي أكد بعض المحاميين أن نقاطاً مهمة فيها تخالف الدستور السوري كلياً، ونقاط أخرى لم يوافق عليها بعض الحضور مثل كيفية معاملة العمال في المناطق الحرة التي تعتبر خارج إطار القوانين السورية، ولأنها أصلاً تسمى «منطقة حرة»، هذه المناطق التي تضم الآلاف من العمال السوريين والذين هم خارج المظلة التأمينية أو النقابية!!
وعلى الرغم من معارضة الحضور الذين أظهروا بشكل واضح إلمامهم بمواد القانون، ظل راكان إبراهيم على هدوئه، ولكن بمبررات غير مقنعة خاصة، عندما أكد أن قانون العمل رقم /17/ أسدل الستار عن قانون العمل القديم الذي لم يعد يلبي التطورات الاقتصادية والاجتماعية في سورية، وأن هناك الكثير من المبررات لتعديله، وتم الحفاظ على الحقوق المكتسبة، وأعطى مزايا جديدة للعمال، وركز على الاتفاقيات والمنطلقات الجديدة في اتفاقيات العمل الدولية وعلى المبادئ العامة للأمم المتحدة، وأن خصوصية إقرار القانون في هذا الوقت أنه جاء مترافقا مع تلك التطورات التي ستفضي إلى دخولنا إلى منظمة التجارة العالمية واتفاقية الشراكة الأوربية المتوسطية، وتساءل معاون الوزيرة: ولكن هل قانون العمل الجديد سيشجع على الاستثمار بشكل كامل؟ ليجيب نفسه: طبعاً لا، ولكنه سيلعب دوراً مهماً في استقدام الاستثمارات!!
ورد على كل المشككين بمساوئ هذا القانون بالقول: «إن القانون ليس من شريعة الغاب كما قيل أو خيل للبعض، بل أقر لتقييد صاحب العمل بأمور قانونية كثيرة تجبر صاحب العمل على دفع ما يترتب عليه للعامل».
ثم تطرق إبراهيم إلى المقارنة بين القانونين القديم والقانون الجديد الذي نسف القانون القديم أو بالأحرى أعدمه لدرجة لا نعلم كيف كانت سورية وطبقتها العاملة تنفذ بنود قانون كهذا لمدة خمسين عاماً أو أكثر، وحسب رأي إبراهيم أن من حق كل العمال السوريين الذين قضوا نصف عمرهم تحت رحمة ذاك القانون الجائر أن يرفعوا من الآن وصاعداً دعاوى قضائية على القانون وعلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، على العمر والحقوق اللذين أهدرا طيلة الفترة السابقة، سواء ما يتعلق بالتسريح التعسفي أو رفضه أو توطيد المرجعيات أو تشغيل قانون الأحداث، عقوبة السجن والغرامات المستحقة على ذلك، طريقة عمل مفتشي العمل، وجود المكاتب الخاصة، اتفاقيات العمل الدولية التي صوتت عليها سورية، عمال الخدمة المنزلية، جميع قرارات رئاسة مجلس الوزراء التي صدرت بهذا الخصوص، مكافآت الخدمة، الاستقالات المسبقة.
فهل كل هذه النقاط ستحل في القانون الجديد كلياً؟ لكن هناك سؤال بسيط وهو ما لم يتطرق له القانون نهائياً: من سيحدد الحد الأدنى للأجور في هذه الحالة؟ وهل هذا الحد سيطبق على الجميع وللجميع؟ وهل تعويض التسريح التعسفي سيكون واحداً على العمال بكل فئاتهم؟
إنها أسئلة مهمة بانتظار التعليمات التنفيذية التي لم تصدر بعد، والتي من الضروري أن تتناول الكثير من القضايا التي أغفلها القانون، وأهمها كيف يصدر القانون ويقر دون الإشارة إلى أجانب الإحصاء الاستثنائي في محافظة الحسكة؟ خاصة بعد تأكيد معاون الوزيرة أنها ستلحق لاحقاً بنصوص القانون، وأنها تدرس الآن بالوزارة لضمها للتعليمات التنفيذية. والسؤال لماذا لم تدرج في البداية ضمن نصوص القانون؟
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.