طموحات الشباب واقع ومستقبل غامض
من المعروف أن ظاهرة البطالة أصبحت متفشية وتفرض نفسها بوضوح بين الشباب في سورية، خصوصاً مع تجاوز معدلات البطالة حاجز 20% حسبما يرى مراقبون، وما يزيد الطين بلةً أن المسألة أصبحت أكثر تعقيداً في ظل المحسوبيات القائمة والعلاقات الشخصية القائمة في الدوائر الحكومية، والشروط التعجيزية للتوظيف في القطاعين العام والخاص.
يقول محمد وهو خريج أدب عربي «كيف تطلب مني كشاب أن أخدم المجتمع وأنتمي له وأنا أعيش في أسوء حال؟».
ولا ننسى أن للبطالة دوراً هاماً في عزوف كثير من الشباب عن الزواج، حيث تقول الدراسات إن 50% من الشباب السوري و60% من الفتيات عازفون عن الزواج، وغالباً ما تتفرع هذه المسألة عن مشكلة البطالة، فكثيراً ما نرى الشاب اليوم مشغول البال ومحاصر في مجتمعه، فهو عاطل عن العمل لذلك هو من ذوي الدخل دون المحدود، يعيش في ظروف اقتصادية صعبة مع الارتفاع المتزايد في الأسعار والارتفاع المستمر في مستوى المعيشة دون فرصة عمل تعطيه حصته من الدخل، وهو في المقابل مطالب بمهور مرتفعة وبثمن المجوهرات وتوفير المسكن والملبس والمعيشة الكريمة للزوجة التي تنتظر فارس أحلامها ولا تقبل بالقليل.
يقول خالد، الحاصل على شهادة في الاقتصاد: «لم أجد عملاً سوى في محل موبايلات وأنا أتقاضى شهرياً 10000 ل.س، ولا أفكر بالزواج ولن أفكر به مطلقاً ما دام الوضع على هذه الحال».
لقد أصبحت البطالة داء لم نجد لها الدواء الفعال حتى الآن ولعل أهم خصائص البطالة تتجلى بأن معظم من يعاني من البطالة هم من فئة الشباب بين /23 و33/ سنة حيث تبلغ النسبة /75%/ من إجمالي العاطلين عن العمل في سورية وهذا يؤكد عدم وجود فرص عمل للداخلين الجدد في السوق، وارتفاع نسبة البطالة بين المتعلمين السوريين حيث تبلغ /45%/، وارتفاع معدل البطالة بين الإناث حيث نسبة القوى العاملة بين الإناث /20%/ من القوى العاملة ونسبة غير العاملات أكثر من /50%/، والتباين الواضح في الدراسات والإحصائيات المقدمة بشأن البطالة وكأن الحكومة تحاول إخفاء الأرقام الخاصة بأزمة البطالة وأبعادها.
وعلى الرغم من أن مشكلة البطالة عالمية إلا أن أسبابها في واقع الأمر بقيت محلية ومن أهمها انعدام المشاريع الصغيرة وضعف النمو الاقتصادي في القطاعين العام والخاص، وتخلي الدولة عن توظيف العديد من خريجي الجامعات والمعاهد التي كانت ملتزمة بها، ولذك فإن علاج أزمة البطالة في سورية يبدأ بعلاج أسبابها التي يعد إخفاق عمليات الإصلاح والتنمية من أهمها، ولا مهرب اليوم من واجب تشغيل الطاقات الشابة العاطلة عن العمل لأن ذلك هو الحل الحقيقي لمعظم مشكلات النمو الاقتصادي المطلوب للنهوض باقتصاد البلاد.