عمال معمل زنوبيا ..  تضامنوا فانتصروا

عمال معمل زنوبيا .. تضامنوا فانتصروا

ظروف الاستثمار الرأسمالي الشديدة الوطأة على العمال في القطاع الخاص، المعبر عنه بعلاقات العمل، والشروط السائدة في مراكز الإنتاج الكبير والمتوسط والصغير، هي التي تجعل حقوق العمال هدفاً سهلاً من قبل أرباب العمل على الحقوق المشروعة للعمال.

 

يعتبر عمال القطاع الخاص طليعة الطبقة العاملة السورية، ومركز ثقلها الأساسي الآن، لأسباب كثيرة لسنا بصدد طرحها، حيث تقوم هنا وهناك في المراكز الإنتاجية المختلفة بالمبادرة تجاه تنظيم صفوفها وإيجاد الأشكال الملائمة للدفاع عن حقوقها، خاصة مع اشتداد الهجوم على هذه الحقوق في ظل السياسات الاقتصادية الليبرالية، وقوانينها المعبرة عن انحياز الحكومات لصالح قوى الرأسمال وترك العمال يصارعون دفاعاً عن مصالحهم.

مستويات الهجوم

 على مصالح العمال

اتخذ هجوم أرباب العمل مستويات وأشكال عدة، منها الهجوم على:

مستوى الأجور الذي يتحكم به قانون السوق وفق «العرض والطلب». 

حق تسجيل العمال في التأمينات الاجتماعية، الذي من المفترض أن تكفل لهم إصابات العمل والشيخوخة، حيث يجري التهرب من هذا الحق بأشكال مختلفة، وإن تم تحقيقه فيتم بالحد الأدنى للأجور.

حق العمال بأن تكون لهم لجان نقابية منتخبة من قبلهم، دون تدخل من أرباب العمل أو آية جهات أخرى في العملية الانتخابية، المفترض أنها تعبر عن قناعات العمال وتجربتهم مع الأعضاء المنتخبين، وليس عن رضى الجهات بما فيها أرباب العمل، كما هو سائد في المواقع التي فيها لجان نقابية.

حق العمال في تحسين مستوى معيشتهم، من خلال تعويض مجزٍ يؤمن الفرق بين الأسعار والأجور.

أدوات التحكم

يستند أرباب العمل في تحكمهم وسيطرتهم وفرض شروطهم اتجاه العمال على:

قانون عمل يحقق الشروط الكفيلة في ضمان التحكم والسيطرة، فهذا القانون يحوي في بطنه الكثير من المواد التي يمكن أن تجعل حق العامل في العمل على كف عفريت، مثل التسريح التعسفي، ويستمر هذا التسريح حتى لو لجأ العامل للقضاء، حيث المقرر الأول والأخير هو رأي رب العمل، وليس حكم القضاء لهذا العامل.

دور النقابات الذي مازال خجولاً تجاه تفعيل العمل النقابي مع عمال القطاع الخاص، وإنشاء تلك المنظمات النقابية على أسس ديمقراطية، والتي بمقدورها الدفاع عن المصالح الحقيقية للطبقة العاملة.

تحرك بالاتجاه الصحيح

في إطار ما ذكرناه؛ كيف تحرك عمال معمل زنوبيا للسيراميك؟

معمل زنوبيا هو أحد معامل السيراميك الكبرى في البلاد، ويحوي أربعة معامل ضمنه، ويبلغ عدد عماله ما يقارب الـ1200 عامل وفني ومهندس، معظم عماله من المناطق المجاورة والقريبة من المعمل، وهناك عمال من مناطق أخرى، القاطنون في العشوائيات التي تلف مدينة دمشق.

صناعة السيراميك تحوي مخاطر عديدة على صحة العمال، كون السيراميك يدخل في صناعته الغاز والأتربة المكونة للعجينة التي تشكل السيراميك المنتج النهائي.

يبلغ وسطي الأجور في المعمل للعمال ما بين 25- 30 ألف ليرة سورية، والعمال مسجلون في التأمينات الاجتماعية، ولكن لا يوجد إلى الآن لجنه نقابية منتخبة للعمال، بالرغم من تعدادهم الكبير.

تحرك العمال في الفترة الأخيرة باتجاه تشكيل لجنه نقابية منتخبة من قبل العمال، وبدؤوا بالانتساب لنقابة عمال الاسمنت والسيراميك، وجمع الاشتراكات النقابية من قبلهم، وهذا يعني أنهم أسسوا نقابتهم بمبادرة منهم، وبعمل حقيقي على الأرض، ولم ينتظروا القرار الذي ينص على الإعلان عن التأسيس بالشكل المتبع من قبل النقابات.

هل جاء التأسيس عفوياً؟

لقد سبق هذه الخطوة خطوات مهمة على صعيد تشكل وعي العمال بضرورة المواجهة مع رب العمل من أجل حقوقهم، وما هي هذه الخطوة أو الخطوات التي لجأ لها العمال؟.

 كان لدى العمال خياران لا ثالث لهما، مع اشتداد الوضع المعيشي بالتأزم بحيث أصبح أجر العامل لا يكفي لسد الرمق، بينما منتوجهم الأساسي ذاهب إلى صاحب المعمل، هم ينتجون وغيرهم يحقق الأرباح الخيالية، أي أن معادلة الأجور – الأرباح المختلة أصبحت واضحة للعمال وكان لابد من تعديلها، فما هو الطريق إلى ذلك؟

عادة ما يتم تسويف حقوق العمال التي يطالبون بها عن طريق الوعود، والوعود تبقى وعوداً إذا ما استمر العمال بسكونهم واستكانتهم للوعود، وهذا ما لم يفعله العمال في المرات الثلاث أو الأربع التي أعلنوا فيها إضرابهم المفتوح، حتى تحقيق المطالب التي يتقدمون بها، وعبر تجربتهم التي تكونت أصبح لديهم قناعة أكيدة بأن الحصول على الحقوق يحتاج إلى من يطالب بها، والمطالبة تحتاج إلى فعل والفعل الذي يؤمنها هو الإضراب السلمي، الذي يحافظ على المعمل وآلاته سليمة من أجل الإنتاج اللاحق، وهذا ما تم في إضراب العمال لأيام معدودة حققت وحدتهم وتضامنهم وحقوقهم التي طالبوا بها، حيث جاءت الزيادة كتعويض عن غلاء المعيشة 100%.

الخيار الممكن

إنه انتصار للعمال، وهو يفتح الطريق أمام الآخرين من العمال، في القطاعين العام والخاص، بأن تحسين ظروف المعيشة وتحسن الأجور وبقية الحقوق الأخرى، تحتاج إلى موقف يستند إلى فهم سياسي واقتصادي (من ينهب الثروة ويبقي العمال المنتجين لها تحت خط الفقر). 

فهل تفعلها الطبقة العاملة؟