بصراحة: قوانين العمل متى ستتغير؟
أظهرت التجربة بقوانين العمل خلال الفترة المنصرمة و إلى هذه اللحظة عدم تطابقها مع حقوق الطبقة العاملة بالشكل العام لهذه الحقوق بل كانت تعبر إلى حد بعيد عن مصالح قوى رأس المال وقوى الفساد في الدولة والمجتمع التي سعت بكل إمكاناتها السياسية والاقتصادية لإخراج قوانين العمل بما يتلاءم وطبيعة التوجهات الاقتصادية المتبناة من قبل قوى رأس المال والحكومة المنسجمة مصالحهما إلى حد بعيد والمتوافقة أهدافهما في تقليص المساحة الحقوقية للطبقة العاملة سواء في القطاع العام أو الخاص، وتقييد حركتها بالدفاع عن حقوقها ومصالحها بكم كبير من المواد مما جعل الطبقة العاملة السورية رهينة و أسيرة للقيود المكبِلة لحركتها حيث سيف العقوبات مسلطاً على رقاب العمال إذا ما تجاوزوا الخطوط الحمر التي وضعتها قوانين العمل وفي مقدمة ذلك عقوبة التسريح التعسفي التي اسُتخدمت على نطاق واسع خلال السنوات الفائتة لعمال القطاع العام تحت حجة مكافحة الفساد ولعمال القطاع الخاص تحت حجج كثيرة تفتقت عنها ذهنية أرباب العمل الضليعين في إيجاد الحجج والمبررات المختلفة لتسريح العمال من منشأتهم وخاصةً في ظروف الأزمة الحالية التي كشفت هشاشة نظرية الاعتماد الكلي على القطاع الخاص في الاستثمار والتشغيل التي روجت لها الحكومات السابقة للأزمة الحالية، و قدمت الإغراءات التي اعتقدت أنها ستجلب المستثمرين وفي مقدمة ذلك قانون عمل «عصري ومرن» يتوافق مع قوانين السوق التي تُخضع كل شيء لها حتى قوة العمل«العقد شريعة المتعاقدين»، والعرض والطلب التي تحوَل قوة العمل إلى سلعة خاضعة كغيرها من السلع لقوانين السوق الجائرة المعتمدة في السياسات الاقتصادية الليبرالية حيث فعلت فعلها في الاقتصاد والمجتمع.
وفي إطار الدستور الجديد الذي أوجب أجراء تعديلات واسعة على القوانين التي لا تتوافق مع مواده، ومن ضمنها قوانين العمل وقانون التأمينات الاجتماعية، أعلنت وسائل الاعلام أن مجلس الشعب سيُعرض علية مناقشة قانون العمل رقم(17) الخاص بعمال القطاع الخاص، وقانون العاملين الأساسي الخاص بعمال القطاع العام وهذا يعني فيما يعنيه أن القوانين التي ستعرض على مجلس الشعب من المفترض أن تكون قد عرضت مسبقاً على نقابات العمال لتقول رأيها بما هو جديد وتحدد موقفها من المواد التي لا تعبر عن مصالح العمال وحقوقهم، وخاصةً ما نص عليه الدستور بحق العمال بالإضراب والتظاهر السلمي الذي غيبته القوانين المراد إعادة النظر بها لمصلحة قوى الفساد والمال انتجت بطالة وتهميش وفقر ومن هنا لا بد من الاستفادة من التجربة السابقة التي مررت قوانين العمل في مجلس الشعب السابق بالرغم من اعتراض النقابات على العديد من المواد التي تبين ضررها الكبير بمصالح العمال وخاصةً المواد المتعلقة بالتسريح التعسفي حيث تسبب ذلك بتسريح عشرات الألوف من العمال في القطاع الخاص والعام واستناداً لهذا فإن النقابات تتحمل المسؤولية الأساسية في قطع الطريق على الجهات التي لها مصلحة في تغيير الشكل وإبقاء المضمون على ما هو.
إن الطريق الأسلم كي نُخرج قانون عمل متوازن يؤمن حقوق الطبقة العاملة بالدفاع عن مصالحها الاقتصادية والسياسية وفقاً لما نص علية الدستور الجديد:
1-تأمين مركز قانوني من خبراء يتبنون قضية الطبقة العاملة لوضع موقف الحركة النقابية في إطاره الصحيح والذي يجري تبنية من قبل ممثلي العمال في مجلس الشعب و تحشيد القوى الكافية كي يخرج القانون معبراً عن حقوق الطبقة العاملة التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية والعربية والتي منها الحريات النقابية والديمقراطية.
2- عرض القانون على الرأي العام قبل عرضه على مجلس الشعب.
3- اشراك العمال في النقاش العام باعتبارهم أصحاب المصلحة الحقيقيين في التغيير.
4- اشراك الاعلام المرئي والمسموع و المكتوب في الإضاءة على مواد القانون وخاصةً الإعلام النقابي.