عمال المخابز في طرطوس يطالبون بإنصافهم.. إعادة النظر بطبيعة العمل وساعات الدوام وتثبيت المياومين
من المعروف أن معدن الإنسان يظهر في الأزمات، وهناك قول شهير للإمام علي كرم الله وجهه «في تقلب الأحوال علمت معادن الرجال»، وهل هناك ظرف صعب أكثر من الحرب حيث يظهر جوهر الإنسان الحقيقي؟!.
إن التجربة الإنسانية علمتنا أنه وأثناء الأزمات والحروب يظهر نوعان من البشر، فهناك تجار الأزمات ومصاصو دماء الشعب الذين لا هم لهم إلا جمع المال والثروة، والركض خلف مصالحهم الخاصة الضيقة والأنانية متسلحين بمقولة: (أنا ومن بعدي الطوفان)، وهذا النوع من البشر يمارس أخلاقه وثقافته دون أي رادع وطني أو رادع من ضمير، ومع الأزمة السورية ظهر تجار أزمة المازوت والغاز، وحالياً ظهر تجار من نوع جديد وهم تجار أزمة الرغيف وهؤلاء وأمثالهم كما وصفهم د.قدري جميل في إحدى مقابلاته: «بأنهم في خندق واحد مع الإرهابيين ومصاصي دم الشعب السوري الذين يدمرون البلد دون أي رادع من أخلاق أو ضمير، وبالمقابل تظهر في الأزمات فئة ثانية من البشر تضحي بالجهد والمال، وحتى بالروح من أجل إنقاذ الوطن والشعب، ومن أجل أن يصمد هذا الوطن العظيم في هذه المحنة العصيبة التي لم تشهدها سورية عبر تاريخها العريق لأكثر من خمسة آلاف عام....
ومن هذه الفئة الوطنية الصادقة التي ظهرت في هذه الأزمة عمال المخابز في القطاع الخاص والعام، ولكن الجهد الأساسي والأكبر يقع على عمال مخابز الدولة الذين يعيشون ظروفاً صعبة بالأصل حتى ما قبل الأزمة، وأما الآن فلقد تضاعفت مشاكلهم وهؤلاء العمال هم الجنود المجهولون الذين يساهمون في صمود وطنهم، ونظرا لحرمان هذه الفئة من العمال للعديد من الحقوق وردت إلى صحيفة «قاسيون» العديد من الشكاوى في محافظة طرطوس يشرحون فيها مطالبهم وظروفهم الصعبة، ومطالبين بتحسينها خاصة أن محافظة طرطوس أصبحت محنتها مضاعفة، حيث أصبح عدد الوافدين للمحافظة يوازي عدد سكانها!!.
إن لجوء العمال للصحافة وشرح أوضاعهم مع التحفظ بذكر الأسماء خوفاً من سلطة المدراء والمسؤولين التي قد يكون نتيجتها فصلهم من العمل ورميهم بالشارع إحدى طرق النضال النقابي العمالي في الدفاع عن حقوقهم الضائعة، هذه المطالب التي لخصت بعدد من النقاط ومن أهمها:
تثبيت العمال الموسميين والمياومين أو على الأقل إبرام عقود سنوية معهم خاصة أن منهم العديد من العمال الذين مضى عليهم سنوات من الخدمة، وذلك لضمان مستقبلهم خوفاً من القلق والمصير الذي يلاحقهم من الفصل في أية لحظة.
النظر برفع طبيعة عملهم، والتي لا تتجاوز لـ 500 ل.س، في أحسن الأحوال خاصة مع ارتفاع تكاليف مستوى المعيشة للارتفاع الجنوني للأسعار.
إعادة النظر بعدد ساعات الدوام والذي يصل إلى 12 ساعة يومياً بإحداث وردية ثالثة، بحيث يخفض عدد ساعات عملهم إلى 8 ساعات على أساس ثلاث ورديات، علماً بأن دوامهم الطويل هذا يخالف الدستور وقانون العاملين الموحد في الدولة.
إعادة النظر بقيمة المكافأة المالية المقدمة لهم، والتي لا تتجاوز الـ 400 ل.س في أقساها، فهل هذا معقول في الظرف المعيشي الحالي؟!.
اقتراح زيادة سعر كغ الخبز (ليرة سورية واحدة أو اثنين) وتوزيعها لهؤلاء العمال في حال أن الموازنة الحكومية لا تسمح بمساعدتهم أكثر من ذلك، ونظن بأن هذا لن يزعج بقية أبناء الشعب في حال معرفتهم أن هذه الزيادة هي لهؤلاء العمال الذين يقدمون الرغيف لأبناء شعبهم.
التعويض المادي للعمال عن أيام السبت وأيام العطل الكثيرة التي يداومون فيها، وذلك بسبب ضغط الأزمة (خاصة في محافظة طرطوس).
تشميل جميع عمال مخابز القطاع الخاص بالتأمين لأن هناك الكثير من أصحاب الأفران الخاصة يستغلون هؤلاء العمال، ولا يجري تأمينهم في مؤسسة التأمينات الاجتماعية.
إن عمال مخابز الدولة جنود مجهولون في هذا الوطن الغالي، ويقومون بدورهم كاملاً، وهم لا يطالبون إلا بإنصافهم، فهل تسمع الجهات المسؤولة نداءهم.. نرجو ذلك؟!.