أعيدوا حقوق السواعد التي بنت الوطن!
مع استمرار تحالف قناصي الدم وقناصي لقمة خبز الشعب السوري الفقير المقتول والضحية على جميع الجبهات في الحرب الدائرة على أرضنا ولحمنا ودمنا، وسدّ دروب النجاة والإمدادات الغذائية عن محافظة كاملة، توقّف عمّال معمل «ريّان بلاست» في السويداء عن العمل لمدة ثلاثة أسابيع، بسبب النقص الحاد في مادة المازوت التي تحتاج لطرق آمنة في ظل ارتفاع منسوب التوتر الأمني-العسكري، وقطع الكهرباء 12 ساعة يومياً، واستهداف شاحنات المواد الأولية والمدنيين، الأمر الذي يحتّم ضرورة الحل السياسي لجميع هذه المشاكل الاقتصادية وتحريرها من براثن وأنياب الميليشيات المسلحة المرتزقة المرتبطة بالفساد تحت مسميات وأقنعة كثيرة، والتي سقطت لتكشف حقيقة تحالف أولئك القنّاصين.
ثلاثة أسابيع من مخاوف الفقر والتشرّد، وانقطاع الرزق والانضمام القسري لجيش البطالة والحاجة، عاشها عمّال «ريان بلاست» على وقع الموت البطيء المتمثّل بقطع الكهرباء والمحروقات والطحين ومواد التموين ليظهر الدخان الأبيض بعد الانتظار والترقب المرّ، وتحسم إدارة «ريان بلاست» قرارها بتشغيل المعمل وإعادة جميع عماله، وصرف رواتبهم كاملة عن شهر كانون الأول، وعدم تحمل العمّال أيّام عُطل التوقف القسري لتلك الأسابيع الثلاثة.
هذا القرار الذي أشاع لدى العمّال أجواء الراحة والثقة والاحترام للإدارة الواعية والمتجاوبة، المتفهمة لأوضاع العاملين لديها سعياً منها لتوفير البيئة المناسبة والناجحة لإتمام العملية الإنتاجية وتحسين جودة المنتَج، ورغبة منها باستمرار التفاهم والتعاون بين الإدارة والعمال، تدرس هذه الإدارة منح زيادة على جميع رواتب العاملين لديها تقدّر بـ 300 ليرة سورية، مضافاً إليها ترفيعة سنوية 15% على الراتب المقطوع المحدّد بـ 9765 ل.س، ليصبح 11230 ل.س، ومن المتوقع أن تسلم الزيادة المنشودة بداية شهر شباط.
إنّ مثل هذه الإجراءات التي قامت بها إدارة معمل «ريان بلاست» للصناعات البلاستيكية في السويداء تجعل من المعمل بعماله وإدارته نموذجاً ومثالاً يحتذى به في القطاع الخاص المنتج على مستوى سورية، في ظلّ الواقع العمالي الذي أفرزته الأزمة الوطنية التي سببت بتسريح أكثر من 90 ألف عامل من عمال القطاع الخاص، ورميهم قسراً للفقر والتشرد البطالة وحرمان عائلاتهم من مصادر الرزق، ورفع معدلات الجريمة والتسول والتهميش الاجتماعي.
إنّ قانون العمل الليبرالي رقم«17» السيئ الصيت، والذي جوبِهَ باعتراضات نقابات اتحاد العمال في سورية دون مجيب أو نقاش لهذه الاعتراضات، وأقرّته وزيرة النموذج الليبرالي «ديالا الحج عارف»، لمصلحة أرباب العمل ضدّ مصالح الطبقة العاملة وجماهير الشغيلة في سورية، فقد قدمت لأرباب العمل المبررات القانونية لتسريح العمال دون تعويضات أو مكافآت كلما اقتضت مصالحهم الطبقية ذلك. هناك عشرات الآلاف من عمال القطاع الخاص ينتظرون المصير ذاته جرّاء ارتفاع منسوب التوتر والنهج الأمني-العسكري البحت دون حلول سياسية للقضايا الاقتصادية المتراكمة بعجز جهاز الدولة عن القيام بواجباتها ودورها التنظيمي بفعل تراكم الفساد، وسوء الإدارات والتنظيم المعتمد الذي انعكس سلباً على كل ما يحتاجه الشعب السوري الفقير في حياته اليومية من خبز وماء وكهرباء، وغاز ومحروقات ومواصلات آمنة وبقية اللوازم الضرورية للمعيشة، ناهيك عن الانعكاسات على ساعات العمل والعمال وكل ما يتعلق بالبنية التحتية، وقتل وتشريد عشرات الآلاف من فقراء العشوائيات وأحزمة الفقر.
لقد تمّ بموجب قانون العمل رقم 17 «تدليل» رجال الأعمال، وإعطائهم القلم الأخضر لنقل أنشطتهم وفعالياتهم الاقتصادية إلى دول الجوار، وإغلاق منشآتهم في سورية، وتهريب أموال ما يقدّر بـ 70% من رجال الأعمال إلى خارج سورية، وهذا يؤكد ضرورة العمل على إلغاء قانون العمل رقم 17 دون إبطاء، أو بالحد الأدنى إجراء تعديلات فورية في أهم المواد التي عطّلت حقوق الطبقة العاملة السورية أو انتقصت منها، لأنّ الإبقاء على هذا التشريع في ظل الوضع الحالي يعني المزيد من استنزاف اليد العاملة ورميهم خارج مواقع العمل، وزيادة أعداد جيش العاطلين عن العمل.