!!بصراحة:العمال..ما لهم وما عليهم

الأزمة الوطنية السورية نقلت المجتمع السوري بما فيها القوى السياسية من حالة ما يشبه السكون إلى حالة أخرى تشبه إلى حد ما الحراك السياسي الواسع في مرحلة الخمسينيات من القرن الفائت،

حيث كان النشاط السياسي، والمطلبي للشعب السوري عالياً، وهذا يعكس إلى حد كبير مستوى الحريات السياسية الذي كان سائداً في تلك المرحلة التي كانت تسمى العصر الذهبي للديمقراطية في سورية، حيث أطلقت طاقات الشعب السوري ومكنته من إسقاط المشاريع الاستعمارية المتعددة التي طرحتها القوى الامبريالية، والرجعية العربية لإعادة ترتيب المنطقة بما يتوافق مع المشاريع المطروحة آنذاك، والتي يعاد طرحها الآن، ولكن بصيغ وأشكال أخرى تتلاءم مع المتغيرات السياسية وموازين القوى العالمية والإقليمية والمحلية.

إن الحركة النقابية لم تكن غائبة عن الحراك الذي كان جارياً بل كانت جزءاً أساسياً منه، وفاعلة فيه باعتبارها تمثل الطبقة العاملة الصاعدة سياسياً واجتماعياً، وهذا الصعود تم بفضل التضحيات التي قدمها العمال والقيادة النقابية دفاعاً عن الوطن ودفاعاً عن مصالح وحقوق العمال، وهذا الفعل النضالي جرت عليه تبدلات، ومتغيرات لها علاقة بمستوى الحراك السياسي، واصطفاف القوى السياسية، وبمستوى الحريات السياسية والديمقراطية، وشدة الهجوم المعادي، وأشكال التصدي له، أي أن الحركة النقابية كانت تتأثر بما يجري حولها من تطورات، وأحداث نجحت أحياناً في تجاوز تأثيراته، وأخفقت أحياناً أخرى، ولكن مجمل التجارب التي مرت بها الحركة النقابية أكسبتها خبرة سياسية ونضالية ساهمت في انتزاع الكثير من الحقوق العمالية التي كانت تقف في وجه تحقيقها قوى البرجوازية التي لها مصلحة في إضعاف الحركة، وتجريدها من أسلحتها السلمية، وهي حقها في أن تكون حركة مستقلة لا وصاية على قرارها من أحد.

لقد وعت القوى المختلفة «الاشتراكية» منها، وغير الاشتراكية أهمية إمساك الحركة، والسيطرة على قرارها من خلال إيصال قيادات نقابية ولاؤها لمن أوصلها كما تم ذلك في قانون التنظيم النقابي أثناء الوحدة السورية المصرية التي اشترط فيها القانون أن يكون العضو القيادي عضواً في الاتحاد الاشتراكي، وهو التنظيم السياسي الحاكم في زمن الوحدة، وهذا الواقع بقي مستمراً مع تعديلات شكلية في نص القوانين الناظمة لعمل الحركة النقابية بينما جوهر القانون «الوحدوي» استمر مفعوله إلى وقتنا هذا مع تطعيم جديد استجد مع ميثاق الجبهة الذي وزع جزءاً من الكعكة النقابية على أحزاب الجبهة التي كانت قوائمها ناجحة بقوة العادة، وليس بشيء آخر تعلمه الطبقة العاملة في طول البلاد وعرضها.

قد يقول الكثيرون إن الطبقة العاملة حصلت على الكثير من الحقوق، ومنها قوانين العمل، وزيادة في الأجور، وإن قيادة الحركة النقابية موجودة في مفاصل القرار الاقتصادي والسياسي، وفي اللجان الإدارية والمجالس الإنتاجية، وغيرها من المواقع الهامة الأخرى، ولكن السؤال الذي يطرح مع وجود كل هذا الكم من المشاركات النقابية هو: لماذا تردى وضع العمال المعيشي، وأخذ خطاً بيانياً منحدراً منذ عقود؟ ولماذا لم يستطع العمال الدفاع عن زيادة أجورهم الحقيقية، وعن الدفاع عن القطاع العام الصناعي أمام السياسات الليبرالية التي أضعفته وهمشت دوره، وجعلته مخسراً لمصلحة حفنة من الفاسدين والمستثمرين المرتبطين بهم؟!.

إن الخبرة التي من المفترض أنها اكتسبتها أي الطبقة العاملة، والحركة النقابية من الأزمة الوطنية، ومن تجربتها السابقة تؤكد أهمية الدور السياسي للحركة النقابية والعمالية في الخروج الآمن من الأزمة على أساس وحدة سورية أرضاً وشعباً، ومن أجل التأكيد على برنامج خاص للحركة النقابية والعمالية يثبت الموقف السياسي والطبقي على طاولة الحوار القادم التي ستطرح فيه القوى السياسية والطبقية برامجها.

ليكن برنامجنا نحن العمال: السلطة للشعب..التوزيع العادل للثروة لمصلحة الفقراء.. والدفاع عن الوطن.