بصراحة: اللجان العمالية القاعدية هي الأساس في إنجاح العمل النقابي

بصراحة: اللجان العمالية القاعدية هي الأساس في إنجاح العمل النقابي

مع اقتراب التحضير للمؤتمرات النقابية السنوية، يتصاعد الحوار والنقاش داخل أروقة النقابات وخارجها، حول تجربة العمل النقابي خلال الدورة الحالية وآفاق العمل النقابي في الدورة القادمة، هل سيبقى العمل النقابي يسير وفقاً لما هو قائم الآن، أم سيطرأ عليه تغييرات جوهرية لها علاقة بطبيعة الصراع الجاري في البلادوما سيفرزه من تحولات اقتصادية وسياسية لابد أن يكون للحركة النقابية دور فاعل فيها؟

لاشك أن الحركة النقابية لها دور مهم لابد من أن تلعبة في المرحلة المقبلة والحالية باعتبارها إحدى القوى الأساسية المتكونة تاريخياً وتملك من التجارب والخبرات والإمكانيات ما يجعل موقفها له وزن وتأثير في الأحداث وإلى أي اتجاه ستؤول، فالمعركة الوطنية بكل اشتقاقاتها لن تكون قصيرة، بل طويلة الأمد، وعلى كلالصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتتطلب من أجل خوضها برنامجاً وطنياً واضح المعالم يقدم الإجابات الضرورية عن رؤية الحركة النقابية المستقبلية.. ومن الأسئلة البارزة في هذا السياق: هل ستبقى القيادات النقابية تدافع عن المنجزات السابقة فقط كما فعلت في اللقاء التشاوري وبعيده، أم ستنتقل إلى تغييرجوهري في علاقتها مع السلطة التنفيذية تؤكد فيها عدم رضاها عن السياسات الاقتصادية التي عمقت التناقضات داخل المجتمع السوري، وخلقت بؤر التوتر الاجتماعي بسبب الفقر والجوع والبطالة وإغراق السوق السورية مما أدى إلى انفجار تلك البؤر لتظهر على السطح أزمة اجتماعية وسياسية عميقة تحتاج إلى حلولجذرية تحقق مطالب الأغلبية الساحقة من السكان في المدن والأرياف التي أوصلت السياسات الاقتصادية الليبرالية أكثر من 40% منها إلى مستوى خط الفقر؟؟.

إنه لمن الضروري التأكيد أنه حتى تتمكن الحركة النقابية من إنجاز تلك المهمات أو المساهمة في إنجازها، فذلك يتطلب منها إعادة النظر بآليات عمل النقابات، بما فيها اللجان القاعدية التي لابد من إعادة الاعتبار لدورها المستقل داخل التجمعات العمالية، وعدم الهيمنة على قرارها لأنها هي الأدرى بشؤونها الداخلية وبمطالبتجمعها العمالي، وهي الأقدر على تقييم الأداء المناسب من أجل حماية مكان العمل وحقوق العمال التي تعتدي عليها الإدارات وأرباب العمل في القطاع الخاص.

إن إعادة الشخصية الاعتبارية للنقابات القاعدية ومنع سطو الإدارات وأرباب العمل عليها، سيعكس نفسه على المستويات الأعلى في السلم الهرمي النقابي، بحيث ينتج قيادات نقابية مناضلة تستمد قوتها الحقيقية من القواعد العمالية في التجمعات العمالية في المعامل والمنشآت الخاصة التي ينتفي فيها العمل النقابي المستقل عنإرادة أرباب العمل إلى حد بعيد، مما يجعل العمال في هذه المنشآت خاضعين تماماً لما يقرره لهم أرباب العمل من حقوق، وهي قليلة ونادرة بالرغم من وجود القوانين والأنظمة التي ترعاها الحكومة عبر وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

وطالما أن الشيء بالشيء يذكر، فإن وزارة العمل تساهم بالإشراف على الانتخابات العمالية، لكنها بمثابة شاهد زور على عدم ديمقراطية الانتخابات العمالية وعدم نزاهتها، حيث يجري فرض قوائم مغلقة يكون الأساس فيها ممثلو أحزاب الجبهة الوطنية، ويجري إكمالها بعدد من المستقلين المحسوبين أيضاً على هذه القائمةالمغلقة، التي تنجح بالضرورة، وفي أحيان كثيرة بخلاف رأي العمال المشاركين في الانتخابات. والمطلوب إزاء هذا السلوك أن تكون الانتخابات النقابية القادمة بإشراف القضاء، حيث لا رقابة على قرار العمال في انتخاب من يرونه مناسباً في الدفاع عن حقوقهم ومطالبهم، وأن يكون للقاعدة العمالية حق انتخاب ممثليهم إلىاللجان الإدارية وحق عزلهم إذا لم يؤدوا مهامهم التي ائتمنهم عليها العمال، وبهذا تكون قد عادت الحياة للحركة النقابية وجعلتها أكثر حيوية وجذرية في الدفاع عن مصالح العمال أينما كانوا، في القطاع العام أو الخاص، دون تفريق كما هو جار الآن في نسب تمثيلهم داخل الحركة النقابية، حيث لا يعبر هذا التمثيل عن الحجمالحقيقي لعمال القطاع الخاص بعد أن تضاعفت أعداده وتنوعت اختصاصاته وأصبح يضم عمالاً موصوفين بمهارتهم المهنية والعلمية.

إن تعزيز وحدة الحركة النقابية والعمالية سيجعل الإمكانيات أكبر في التصدي للمهام الاقتصادية والسياسية المطلوب إنجازها، وهذا سيتم فقط عبر التأكيد على استقلالية قرارها وعلى تأكيد الديمقراطية الحقيقية في الانتخابات لكي تصل إلى المواقع القيادية والقاعدية القيادات التي تختارها الطبقة العاملة بكل حرية دون تمييزبهذا سواءً كان سياسياً أم غير سياسي.