بصراحة : الحركة السياسية والطبقة العاملة؟

بصراحة : الحركة السياسية والطبقة العاملة؟

هل هناك أزمة بين الحركة العمالية والحركة السياسية ؟

المؤتمر الخامس للنقابات المنعقد في دمشق عام 1946 أعلن الإضراب العام أثناء مداولات مجلس النواب طالباً إقرار قانون عمل جديد، يتضمن إقرار ثماني ساعات عمل وحق النقابات في العمل السياسي وحق الإضراب، بديلاً لقانون الشغل العثماني، والقوانين الأخرى التي أصدرها المستعمر الفرنسي المنحازة تماماً لمصلحة الشركات الأجنية التي استقدمها معه، ولمصلحة أرباب العمل المستفيدين من تلك القوانين الجائرة المانعة للعمال من الدفاع عن حقوقهم السياسية والاقتصادية.
  لم يكن وقتها مجلس النواب يضم في عضويته أي نائب يمثل الطبقة العاملة، بل كان هناك شخصيات ديمقراطية ربما هي متعاطفة من وجهة نظر إنسانية مع حقوق العمال، دافعت عن المطالب العمالية، وخاصة حقها في إقرار قانون عمل ينظم العلاقة من حيث الحقوق والواجبات بين أرباب العمل والعمال، ما نود استنتاجه مما قلنا، أن الطبقة العاملة السورية كي تحقق مطالبها لابد من توفر عاملين أساسيين أولاً الظرف الذاتي للحركة العمالية من حيث التنظيم والاستقلالية، والظرف الموضوعي المرتبط بوجود أحزاب تقدمية متبنية ومدافعة عن حقوق الطبقة العاملة تحمل برنامجاً واضحاً في مقابل برنامج قوى الرأسمال والشرطان متداخلان لا يمكن فصلهما لأنهما في النهاية يعبران عن موازين القوى الاجتماعية والسياسية، وهذا ما جعل النقابات تنجح في فرض قانون العمل رغم معارضة الكثيرين من أعضاء المجلس النيابي لإصدار مثل هذا القانون بالرغم من عدم تعبيره الكلي عن مصلحة العمال، ولكن العمال من خلاله استطاعوا انتزاع ما هو أساسي في ذلك الوقت وضمن الموازين السائدة أيضاً.
في العقود الأخيرة تبدلت اللوحة السياسية، وتبدل معها واقع الحركة النقابية والعمالية بالرغم من الذي جرى من التغيرات الحاصلة على واقع الطبقة العاملة التي زاد عددها، وتوسعت وتنوعت الصناعات والتكنولوجيا والمدن الصناعية، ولكن لم تكن هناك تبدلات نوعية في العلاقة الكفاحية معها لأسباب عدة لعبت دوراً مهماً في انكفاء الطبقة العاملة، وابتعادها عن الانخراط في العمل السياسي والأحزاب السياسية، وأيضاً العمل النقابي، وإن كانت شكلاً منخرطة في النقابات، وهذا لا يغير من واقع الحال شيئاً لأن الجوهر في العمل السياسي، والنقابي، وجود مستوى من الحريات العامة، والاستقلالية في القرار تمكن القوى المختلفة من لعب الدور المطلوب منها، والانخراط في الدفاع عن حقوق مختلف الطبقات المظلومة بفعل قوانين السوق وقوى السوق التي تتطلب لمواجهتها برنامجاً سياسياً اقتصادياً اجتماعياً تقبل به الطبقة العاملة، وتقتنع بحامله قولاً وفعلاً