مسخ الإنسان!
يحدد «تشومسكي» عشر استراتيجيات تعمل بها قوى الهيمنة للتحكم بالشعوب: «- استراتيجيّة الإلهاء تتمثل في تحويل انتباه الرّأي العام عن المشاكل الهامّة والتغييرات التي تقرّرها النّخب السياسية والاقتصادية - ابتكر المشاكل ثم قدّم الحلول:
في البداية نبتكر مشكلاً أو موقفاً متوقـعا لنثير ردّة فعل معيّنة من قبل الشعب، و حتى يطالب هذا الأخير بالإجراءات التي نريده أن يقبل بها - استراتيجيّة التدرّج: لكي يتم قبول إجراء غير مقبول، يكفي أن يتمّ تطبيقه بصفة تدريجيّة - استراتيجيّة المؤجّـل: وهي طريقة أخرى يتم الالتجاء إليها من أجل إكساب القرارات المكروهة القبول وحتّى يتمّ تقديمها كدواء «مؤلم ولكنّه ضروري» - مخاطبة الشعب كمجموعة أطفال صغار: تستعمل غالبية الإعلانات الموجّهة لعامّة الشعب خطابا وحججاً وشخصيات ونبرة ذات طابع طفولي. - إبقاء الشّعب في حالة جهل وحماقة: العمل بطريقة يكون خلالها الشعب غير قادر على استيعاب التكنولوجيات والطّرق المستعملة للتحكّم به واستعباده. - معرفة الأفراد أكثر ممّا يعرفون أنفسهم: فبفضل علوم الأحياء، وبيولوجيا الأعصاب وعلم النّفس التّطبيقي، توصّلت «النخب» إلى معرفة متقدّمة للكائن البشري، على الصّعيدين الفيزيائي والنّفسي و أصبحت في حالات كثيرة قادرة على معرفة الفرد أكثر ممّا يعرف نفسه.- تشجيع الشّعب على استحسان الرّداءة.. - تعويض التمرّد بالإحساس بالذنب.» إن المعنى الوحيد لهذه الاستراتيجيات المعتمدة، هي محاولة «مسخ الإنسان» من حيث كونه كائن اجتماعي فاعل ومنتج، أي العودة به إلى زمن العبودية قياساً إلى مستوى التطور في ظل الثورة العلمية التكنولوجية، الأمر الذي يكشف حقيقة نظرة «الرأسمال» إلى الإنسان باعتباره «أرخص بضاعة» ومجرد مستهلك، صحيح أن هذه الاستراتيجيات تساهم في تشويش الرأي العام، وخلط الأوراق، وتغيّب الحقائق إلى حين.. ولكن ما لا تستطيع فعله هي الحقيقة الأساسية المتعلقة بكينونة الإنسان والتي تقول: إن عدم تلبية حاجات البشر، وعدم منحهم حقوقهم يجعل من هذا الكائن متمرداً، وإن بقي هذا التمرد في حالة كمون في هذه المرحلة أو تلك.