تصبحون على وطن!... الشاة.. والجمل!

بعد أن أنجز (أبو محمد) محرر الشؤون العربية مواده للعدد الحالي، تبين عدم وجود أي مادة تتحدث عن المجازر الصهيونية في غزة وما تبعها ويتبعها من ملحمة «أيام الندم» الشارونية!!..

عند سؤاله عن السبب... كان جوابه سريعاً ومؤلماً: «إنها مجازر يومية ودائمة... فماذا يمكن أن نكتب»؟!..

شريط كثيف مرَّ بسرعة البرق.. أوراق جرائد صفراء وبيضاء.. شاشات دموية.. عناوين كبيرة وصغيرة تحملها الصحف اليومية والأسبوعية.. أعمدة تكاد لا تنتهي من صفِّ الكلام.. أصوات أزيز الرصاص والقنابل.. هدير الطائرات.. دم.. دم.. وحجارة..

(ومع ذلك بدأ أبو محمد بجمع ماينفع للكتابة عن (أيام الدم)!!..

مشهد سريع أعاد الذاكرة لحمزاتوف في «بلدي»:

«إن ما تراه بعينيك هو الصدق، وما تسمعه بأذنيك هو الكذب»!!..

ولم يكن حمزاتوف واقعياً لدرجة التسليم بما يراه.. فقد أضاف:

«الخنجر الراقد دائماً في غمده يصدأ.. الفارس الراقد دائماً في بيته يترهل»!..

المقطع كُتب على حجر، لم يكن كالحجر.. فـ «الشجاعة لا تحتاج إلى صخرة عالية» كي «لا تكونوا صغاراً حتى وإن كان عددكم قليلاً»!!..

صدقت يارسول.. وأتعب نفسه «جيمس هاتفيلد» كي يثبت في كتابه «بوش المحتال» أن بوشاً محتال.. وتطلب ذلك منه قضاء سنوات عديدة في جمع المعلومات من المقربين من بوش.. والعودة إلى المراجع في أراشيف المؤسسات التربوية والاجتماعية والعسكرية التي مرَّ بها ذلك الابن المدلل.. أتعب نفسه جيمس في الوقت الذي (ترى العين) حقيقة «بوش المحتال» دون كل هذا التعب..

«هاتفيلد» كان مجرد مسجلٍ لوقائع تطلَّبت منه حياته... وقيل إنه انتحر!!...

لنبق مع بوش قليلاً.. فها هو يُعلن على الملأ توقيع قانون يطلب بموجبه من الخارجية الأمريكية مراقبة بلدان العالم وتصنيفها فيما يتعلق بمعاداة السامية!!..

ولأنه محتال وخبيث، فقد حدد السامية باليهود فقط، والصهاينة تحديداً، بعد أن استثنى الشعوب العربية السامية من السامية!!..

وبصفته غبياً، أي بوش، يراقب بلدان العالم.. يتوج نفسه أمبراطوراً كونياً.. إثباتاً لنظرية ابن خلدون في زوال الامبراطوريات بعد أن تعتلي «القمة»..

وإكمالاً لامبراطورية الاحتيال، تقوم العديد من الفضائيات بتحويل برامجها الحوارية لمحاكم تحاكم ضيوفها بشكل قمعي لإثبات الديمقراطية الأمريكية وطمس أي معلم من معالم السيادة الوطنية، بغض النظر عن هوية الضيف، فناناً أو أديباً أو أي شيء أو لا شيء!!..

وتدعيماً للمنطق نفسه يطالب العلاوي أهالي الفلوجة بتسليم الزرقاوي أو استمرار القصف الأمريكي لإبادتها.. بعد أن أصبح الزرقاوي مثل ذريعة «أسلحة الدمار الشامل» في العراق التي أثبت التفتيش والتمحيص وحراثة أرض العراق أنها غير موجودة من الأصل!..

ندع بوش وعلاوي وقناة الحرة الفضائية جانباً لنلتفت إلى بعض شؤوننا الداخلية... (لنرى) في أحد البرامج الحوارية التلفزيونية مع مسؤولين في الاقتصاد والجمارك والمحروقات، يصرّون على عدم وجود أزمة مازوت، رغم أن الكاميرا صوّرت الأزمة الناتجة عن تهريب هذه المادة... لينضم مهربو المازوت الكبار لقائمة الأشباح والأعداء الوهميين مثل «أسلحة الدمار الشامل والزرقاوي»!!..

وبما أن تهريب المازوت لا يمكن أن يتم (تنكة تنكة) وبالطنابر، فقد أبدع بائعو الطنابر والسوزوكيات طريقة جديدة بخلط المازوت مع (اللودالين) من أجل الرغوة على حساب الكم والنوع.. وأدخلوا (بربيشاً) معاكساً ضمن (البربيش) عائداً إلى الصهريج.. وليس إلى حيفا.. 

لدينا كل شيء.. ابتكار لكل شيء.. سبق بكل شيء... وتبرير لجملة الأشياء.. إلاّ أن المثل العامي يقول:

«هلّي بفرّط بالشاة بهون عليه الجمل»!!.. فكيف إذا فرطّنا بالجمل وما حمل؟؟!!..

■  كمال مراد

 

 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

معلومات إضافية

العدد رقم:
232