ماذا تقول يا صاحبي؟ «ليست أخلاقنا»

● كم هو مؤلم وقاس أن يشعر الإنسان بالغثيان وهو يرى أطراف أخطبوط النهب والفساد تمتد في كل اتجاه، ولايرى تصدياً ملموساً لبترها، أو في أضعف احتمال لوقفها ومنع امتدادها القاتلة.

●● وهل تتوهم أن ينتهي الفساد، وهو نتاج الواقع الذي عاشته وتعيشه البشرية منذ آلاف السنين؟!

●إن ما قصدته هو خلو الساحة ممن يتصدى له فيوقف زحفه، وهذا ممكن التحقيق بحيث لايكون وباء يفتك بالمجتمع عامة.

●● وماالذي يجعلك واثقاً من القدرة على لجم هذا الداء اللعين؟

● أنا و اثق، لأن الفساد بهذا الشكل ليس من طبيعة مجتمعنا الذي عشناه منذ فجر الاستقلال، والفساد هو من إفرازات نمو البرجوازية الطفيلية بتواطئ البيروقراطية التي لم تجد من يحاسبها بحزم قائلاً: من أين لك هذا؟ بل تجد من يفتح أمامها الأبواب ويمهرها بالقوننة.

●●إذن فأنت ترى أن الفساد هو ديدن الطفيلية وحلفائها وهو ناموسها الذي تسعى مستميتة لنشرها في جنبات المجتمع كله، لتلويثه وسلب القدرة على المجابهة وبذلك تضمن بقاءها واستمرار نهبها.

● صحيح ماتقول فهي تنشر أخلاقها في بقية طبقات المجتمع لتحرمه من عنصر التصدي الحازم للخطر الفاتك، وإن أخلاق شعبنا تتناقض مع هكذا أخلاق دخيلة ومرفوضة جملة وتفصيلاً، وبكلمة أدق: إن الفساد ليس من ديدن أبناء شعبنا.. ويمكن أن أسوق العديد العديد من الشواهد على صحة ماأقول.

●●هات واحداً منها!!

● سأعود بك ـ على سبيل المثال ـ إلى عام 1957 عندما هب جيشنا وشعبنا متصدين للحشود العسكرية التركية على حدودنا الشمالية التي كانت تتأهب لاجتياح المنطقة الشمالية. لقد كنت واحداً من عداد قطعات الجيش السوري التي انتشرت في شمال الوطن للدفاع عنه. وقد استمر هذا الوضع المتأزم فترة قاسية اندفع خلالها كل شعبنا إلى ساحة التدريب والاستعداد للذود عن حياض الوطن وظهرت إلى الوجود المقاومة الشعبية التي ضمت الكبار والصغار.. النساء والرجال، ثم كان الانفراج وبمساعدة القوات السوفييتية التي قامت بمناورات كبرى على حدودها مع تركيا، وكذلك فعلت القوات البلغارية.. وبذلك أزيح هذا الكابوس عن شمال الوطن وزال الخطر الداهم وانتهى الاستنفار. وأصبح بإمكان جنودنا الحصول على إجازات، والعودة إلى بيوتهم للقاء أهلهم وأذكر أن أفراد المجموعة التي كنت واحداً من عناصرها اتفقوا على أن تكون الإجازات على دفعتين كل أسبوع دفعة وهذا ماحصل بالفعل... وعندما انتهى الضابط المناوب من قراءة أسماء المتقدمين سأل عدداً من الآخرين لماذا لم تطلبوا إجازة؟ فكان الجواب سنتقدم بالطلب الأسبوع المقبل.. ويظهر أن الضابط شك في السبب الحقيقي لعدم تقديم طلب الإجازة فقال وبالحرف: «إذا مامعكن مصاري بعطيكم»

فماذا تقول ياصاحبي؟!

■ محمد علي طه

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

معلومات إضافية

العدد رقم:
232