في يوم المسرح العالمي 2003 المسرح اعظم اختراع إنسانى بعد العجلة وترويض النار

في السابع والعشرين من الشهر الجاري يحل عيد المسرح العالمي، وبهذه المناسبة ننشر لكم كلمة يوم المسرح العالمي لهذه السنة والتي كتبها الكاتب المسرحي تانكرد دورست، ومن ترجمة أكرم اليوسف:

إننا لانكف عن السؤال: ألا يزال المسرح يواكب عصره؟ فطوال ألفي سنة مضت عكس المسرح بمرآته صورة العالم وبين موقعنا فيه. لقد جسدت التراجيديات القدر الذي يسيِّر العالم - الكوميديا كانت قد فعلت ذلك بالقدر نفسه- البشر مُسيَّرون، فنحن نرتكب أغلاطا قاتلة، ننتهج طرقا ضد ظروف حياتنا، إمساكنا بالقوة ضعف لنا. الغش والسذاجة شيمتنا، سعداء بجهلنا وبقدرنا.

أسمع الناس يقولون بان الحياة اليوم اكبر من أن تستوعبها الوسائل التقليدية للمسرح، وبالتالي لم تعد هناك إمكانية لسرد الحكايات. ناهيك عن الأنواع المختلفة من النصوص والحوارات، ليس هناك إلا حقائق. لا توجد دراما. ثمة نوع جديد من البشر بدأ يظهر فى أفق حياتنا: كائنات يمكن استنساخها من خلال التلاعب بها جينيا وفقا لرغبة أو خطة مسبقة. هذه الكائنات الجديدة المصنّعة بقدر ماهي مؤهلة، فإنها لن تكون بحاجة إلى المسرح كما نعرفه اليوم ولن تكون قادرة على فهم طبيعة الصراعات التي تسيِّرها. غير أننا لا نعرف ما الذي سيجلبه المستقبل لنا. على ما اعتقد إن الخيار بيدنا في أن نكرس كل الطاقات والمواهب التي منحت لنا لكي نحمي، من المستقبل الغامض، حاضرنا غير المكتمل، الحاضر الجميل والشرير، أحلامنا اللامنطقية وجهودنا العقيمة في آن واحد. إن الإمكانيات المتاحة لنا وفيرة، فالمسرح فن غير نقي وفي قدرته على الكذب تكمن طاقته الحيوية. المسرح فن بلا ضمير، لا يتوانى عن تسخير كل ما يجده في طريقه لمصالحه الخاصة. ويظل أبدا يخون مبادئه. وهو حتما غير مُحصَّن ضد صرعات عصره. انه يستمد خيالاته من وسائل إعلام أخرى، تارة يتكلم ببطء واحيانا بسرعة. يتمتم مرة ويغرق بالصمت مرة أخرى. انه مسرف وعادي في الوقت ذاته، مراوغ، يدمر الحكايات بينما يقوم بابتكار حكايات جديدة على طول الخط.

 

كلي ثقة بان المسرح سيكون قادرا دوما على أن يكون مفعما بالحياة، طالما نحس بالحاجة لنري بعضنا البعض ما نحن وما لسنا وما يجب أن نكون. عاش المسرح! فالمسرح هو أحد الاختراعات الإنسانية العظيمة والذي لا يقل أهمية عن اكتشاف العجلة وترويض النار.