حسني هلال حسني هلال

بصراحة مطلقة

كسائر السوريين الذين غدت الأحداث، همهم الأول وعنوانهم الأهم فيما يدور بينهم من أحاديث ونقاشات، كذلك كان سالم وسلوى اللذان وصلني من حوارهما طرطوشة:

*  *

قالت له:

بصراحة يا سالم أنا مع النظام. صحيح أنه أخطأ لكنه اعترف أخيراً بخطئه وبدأ بالإصلاح. قالت المعارضة لا نريد أحكاماً عرفية، ألغى لهم الأحكام العرفية.. طالبوا بقانون لتنظيم الأحزاب في البلد، شكل لهم لجنة تدرس مشروع قانون ينظم الأحزاب.. ضاقت عينهم بالمادة الثامنة من الدستور، خصص لهم لجنة تدرس كيفية إلغاء تلك المادة، وتنظر في التصويت على دستور جديد حتى... نادوا بالحوار، سبيلاً لإنقاذ الوطن والسير به إلى نظام مدني ديمقراطي، فوافقهم على ذلك وسمح لهم رسمياً بالاجتماع والتشاور في قلب العاصمة دمشق. من دون أن  يقول أحدٌ لهم «ما أحلى الكحل بعينكم» الأمر الذي لم يحدث مثيل له في تاريخ سورية منذ الاستقلال. فبدل أن يحمدوا ربهم ويشكروا النظام. طالبوا بإسقاطه.. إيه لأ حبيبي: نجوم الظهر أقرب لهم!

قال لها:

بصراحة يا سلوى أنا مع المعارضة.

أولاً ـ لأنهم يطالبون بحقوق لهم نص عليها القانون، أقرها النظام نفسه. يعني الاستجابة إلى تلك المطالب ليست حسنة ولا منة من أحد.

ثانياً ـ طالبوا بوضع حد للفساد والإفساد المنتشرين كالسرطان في دوائر الدولة ومؤسساتها من أكبرها إلى أصغرها وهذا ليس مطلبهم وحدهم، بل مطلبنا جميعاً وتحقيقه لا يعود بالخير على المعارضة وحدها. وإنما على الوطن كله.

ثالثاً ـ أما الأحكام العرفية المعمول بها في ظل قانون الطوارئ الذي أصبح هو القاعدة في بلدنا وما عداه استثناء (ما يخالف القانون نفسه اسماً ومسمى) فلا أعتقد أن مطالبة المعارضة بإيقاف العمل به، يعد تطاولاً على السلطة أو تسلطاً على السيادة.

رابعاً ـ ما دام النظام قد سمح بالتظاهر السلمي، فهل تفهمين يا حبيبتي لماذا بعد ذلك سلط جماعاته وزلمه على المتظاهرين العزل، فأطلقوا النار عليهم وداهموهم وسجنوهم وعذبوهم؟

سلوى: هؤلاء يا حبيبي عصابات مسلحة ومندسون وشبيحة، وليسوا من النظام لكن ممكن تفهمني حضرتك، لماذا معارضتكم لم تحافظ على سلمية تظاهرها وصارت تطلق النار على الأمن والجيش؟

سالم: هؤلاء يا حبيبتي عصابات مسلحة مندسون وشبيحة أيضاً. وليسوا من المعارضة. من المعروف يا حبيبتي، أن النساء على العموم، هن في صفوف الموالاة وذلك لأسباب موضوعية معروفة، لا حاجة لسردها، وأخرى ذاتية أظنها معروفة أيضاً. كما وأعرف أن معظم السيدات عندنا كن من كن ووجدن أين وجدن، يضمرن الميل والود للسيد الرئيس. بينما أنت؟

سلوى: لا أنكر يا حبيبي، أننا نحن معشر النساء نسبتنا الأكبر بشكل أو بآخر تعتبر موالية. وأحيطك علماً، أنني للأسباب ذاتها الموضوعية والذاتية اخترت المعارضة، أما ما يخص السيد الرئيس، فلا أراك تعارضني بأن معارضة النظام، هي ليست بالضرورة معارضة للسيد الرئيس شخصياً.

* *

أذكرتني طرطوشة الحوار السابقة، بأقوال ومقالات شتى. منها مقالة للزميل ثائر اللحام، قرأتها في جريدة «الوطن» السورية وكنت قد قرأتها في عيون كثير من المواطنين، يقول فيها ما معناه:

إن اليد التي ضربت الشباب حملة الأعلام السورية، المتظاهرين سلمياً في «ساحة عرنوس» بدمشق ليست بأحسن من اليد التي أحرقت مؤسسات ومبانٍ عامة في درعا وللذكريات أخوات وأولاد وبنات!