مختارات مستقبل مؤجلٌ دائماً

الزمن الحاضر كما يحدده الإعلان لا يفي بالحاجة، أما اللوحة الزيتية فهي سجل خالدٌ. 

إنّ واحدةً من المتع العديدة التي تقدمها اللوحة الزيتية لمالكها هو كونها تنقل صورة حاضره إلى أحفاده في المستقبل. لهذا فإنّ تصوير اللوحة يتخذ بالطبع صيغة الزمن الحاضر، فالمصوّر الزيتي يصوّر ما هو ماثل أمامه، إما عن الواقع المباشر، أو عن طريق الخيال، أما الصورة السريعة الزوال في الإعلان فهي تستخدم صيغة زمن المستقبل فقط. في هذا المنتج «ستصبح» سعيداً ومشرقاً، وفي هذه الظروف كلّ علاقاتك «ستصبح» سعيدة ومتألقة.

يتحدّث الإعلان بصيغة المستقبل، ومع ذلك فإن تحقيق هذا المستقبل مرجأ دوماً. كيف يحافظ إذاً على مصداقيته، أو بالأحرى على مصداقية كافية لممارسة نفوذه؟ إنّ الحكم على صدقه لا يصدر عن الإيفاء الحقيقي بوعوده، بل عن الاستيهامات الصادرة عنه التي تتطابق مع استيهامات المشاهد ـ الشاري. ولا تنطبق هذه الاستيهامات على الواقع، بل على أحلام اليقظة.

■ جون بيرغر

(طرقٌ في الرؤية)

آخر تعديل على الإثنين, 14 تشرين2/نوفمبر 2016 21:30