ربّما! قوافل التائبين
لماذا يتحوّل معتزلو الفنّ إلى تكفيريين، فحيث يكون الواحد منهم، بالأمس القريب، في قمة حريته، تجده في اليوم التالي للتوبة وقد صار ميكائيل المكلّف بوضع حسابات الخطايا والحسنات؟
أُثير هذا التساؤل حول ما صدر عن الفنانات المتحجبات في مصر، وحدث أن شهدنا انتقال قناة متخصصة بأغاني الفيديو كليب، وهي قناة (الخليجية)، إلى قناة دينية، وفي إعلانها للتحوّل، بعد توبة مالكها، راحت تبث وعظاً فيه الكثير من الندّم والحسرة على ما روّجته من فساد أخلاقي، وارتأت أن التكفير عنه يكون بحض المشاهدين على إرسال رسائل (SMS) لوجه الله، ونصرة الدين، بدل تلك الرسائل التي كانوا يرسلونها، بالطريقة نفسها، في شؤون الغرام والأغاني، وكأنما هناك من أفتى بأنّ الكفارة الواجبة تقتطع من المشاهدين..
وآخر الأخبار، في هذا المجال، ما حصل في موقع (حي الطرب)، وهو موقع الكتروني يحوي أرشيفاً غنائياً كبيراً، يغطي فترة طويلة، تتجاوز الربع قرن، من تاريخ الغناء العربي، ويقسم خريطته الواسعة على أبواب بحسب اللون الغنائي في كل بلد، وفي كلّ باب فهرس ألف بائي بأسماء المطربين...
هذا الموقع توقّف بشكل مؤقت، بسبب اعتزال صاحبه، ومن يزره على الشبكة العنكبوتية، سيجد خطبة عصماء تتصدر الصفحة الرئيسية، تناشد الضمائر المسلمة الحية بالوقوف على مغزى عودة صاحب المال إلى الله، وتطلب الاقتداء به، كما تتضمن تحذيراً لكل من سبق وأرسل أغنيةً بأن يراجع نفسه، ويفكر بما سيلقاه من عذاب، وأنَّ الموقع بريءٌ منه أمام السماء.
فليتحوّل كل من شاء التحوّل بالطريقة التي يراها مواتيةً، ولكن ليكن هناك القليل من الاحترام يحتفظ به الشخص لنفسه، ولتجاربه، فالتوبة لا تعني النظر إلى التاريخ الشخصي، برغبة في محوه. والأهم أنّ من يتحوّل ليس مخولاً في جعلنا نتبعه كما يُتبع الأنبياء.
■ رائد وحش
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.