فواز العاسمي فواز العاسمي

برنامج«هزي يا نواعم».. بضاعتنا التي رُدّت إلينا..

انتابني الفرح حالما صرح سيمون أسمر أن الموسم القادم من برنامج « هزي يا نواعم» الذي تبثه قناة «LBC» سيشهد مشاركة فعالة من الراقصات العربيات من كل الأقاليم العربية ولم يذكر عند تعداده تلك الأقاليم منطقة الخليج، ولم أعِ السبب الكامن وراء ذلك!! كما أني لم أجد داعياً للبحث في متاهات نشأة الرقص الشرقي وآليات تطوره تاريخياً..

لكن كل ما يعنيني هو التمايز الواقع عند مقارنة الرقص الشرقي مع أي رقص ينتمي لحضارة ما.. فرقصة التانغو الأرجنتينية،مثلاً،لا تكتمل إلا بزوج: رجل،امرأة.. يكون هذا الثنائي مُلكاً للإيقاع، وتكون خطاهما متلاحقة إن لم تكن متساوقة، ما يعني أن تلك الرقصة هي تعبير عن حالة تماهٍ بين الراقصَيّن لا يبغي أحدهما على الآخر، ويكون الجمهور مختلطا، والمتعة موزعة بالقسطاس على الجماعة..

بتنا في الرقص الطقوسي لا نرى إلا الذكور.. وعندما نبتغي المتعة نرقـّص المرأة ليتبعها الإيقاع حتى يسيل لعابنا ونقرع كؤوسنا فنرجع إلى بيوتنا تملؤنا الحيرة والغيرة، هذا إذا لم تُقدم لنا وجبة الرقص الدسمة عبر التلفاز بحضور أهل بيتنا ويا ويلنا إن تمادينا.. مازال جسد المرأة في بلادنا مصدر رزق للكثيرين، فلا البرامج الدعوية في المحطات الفضائية، ولا الأبحاث التي قُدمت لتشّرح هذه الظاهرة «وأخص بالذكر ما قدمه عبد الوهاب المسيري في مبحثه عن ثقافة الفيديو كليب وتسليع الجسد » بقادرة على التخفيف من فوضى الأجساد هذه. فالظاهرة عمرها آلاف السنين ولن نتخطاها أبداً بتأمين راتب شهري للفتيات اللواتي يتمايلن كالقصب أمام مطرب (يطرب نفسه مع بعض أبناء حيه ..) بل نقدر على تجاوزها عندما ننظر للإنسان على أنه فاعل في المجتمع، بقدر ما ينتج من عمل نافع.. ومن صراع من أجل المساواة والعدالة (من قال أن الرجل أخذ كامل حقوقه في بلداننا)..

وعندما ننسف من ذاكرتنا الجمعية أن كلّ من أو ما يدعو لتحرر الإنسان (ولا أقول المرأة فقط) يدعو للانحلال الأخلاقي بالضرورة. وعندما نُدخل التفكيك حيزاً تاريخياً محرما ميز بين جنسي الإنسانية على أساس لا يقبل التغيير إذ اعتبر (تدنيس الشرف) حكراً على المرأة، بينما الشرف كقيمة إنسانية(ناشئة) أراها تمس كلا الجنسين بالعفاف والطهارة عند رقيها وبالنجس والدونية عند انحطاطها..

فلنحضّر أبناءنا ونزودهم بالعدة والعتاد لأن المستقبل يخبىء لنا من المبتكرات ووسائل الترفيه أكثر مما نتوقع (قبل عشرة أعوام من كان يتخيل ثقافة البلوتوث..) لنعد للرقص الشرقي..هذا الرقص لن يتحول في يوم من الأيام إلى رؤية مغايرة للعالم ما دمنا ننظر للراقصة من ثقب الشهوة، و مازالت الراقصة نفسها تعي أنها تساوي سلعة، و أن ناظريْها من الجنسين يبخسونها حقها حتى تتكيء على ثقافة مكنونة محتاطة من العبث بالجسد وتاليا بالروح ..

آخر تعديل على الأربعاء, 23 تشرين2/نوفمبر 2016 22:12