ربما: من أجل جملة لذيذة!!
لأننا من ذلك النوع الحي الذي يتغذّى على اللّغة، جملاً وكلماتٍ.. ولأنّنا نمتلك من طاقة الوهم ما يجعلنا نصفرن كالمرضى، أو نتبلكم كالبلهاء والمعاتيه، أمام غوايتها، نبحث عن انتحار طقوسيّ، عذب ومرعب، فليس أجمل وأحلى من اختيارها طريقة للموت، ما دمنا، بالأصل والأساس، لم نجد طريقة للحياة سواها.
لديّ، كما سواي، هواية تسجيل ما يعجبني من جمل في النصوص والمقالات والأفلام.. وكنتُ أسمي عادتي السرية هذي، بفخرٍ: سرقات أدبيّة موصوفة! ولطالما اعتقدتُ أنّ كاتباً ليستْ في متونه جملة مشعة، برّاقة، لا يمكن النّظر إليه ككاتب. ولطالما حاولت صياغة نصوص من جمل مختلفة ولم أجد إلا الفشل، مع ذلك لديّ دزينات كاملة، أحتفظ بها في البال، وفي أوراق، لإفحام أحدهم في الوقت المناسب، أو لاستعمالها أمام النساء على أنها من بنات أفكاري (العقيمة!!).
لا بد من وضع هذه العلاقة على مجهر الاختبار، لمعرفة أثر الكلمات علينا، نحن الذين نعيش بالكلمات، ونموت بها..
قد يبدو شكل تلك الجمل التي ندونها على قصاصات الأوراق مخاتلاً لكونه يشتبك مع الحكمة أو الأقوال المأثورة، لكنّ الفارق، لا بل وميزتها ميزتها الأهمّ في أنّ الحكم والأمثال والمأثورات.. . إلخ وسواها، توجد لوظائف بعينها، لتؤكّد على عموميات، فيما تكمن خصوصيّة ما أسميه بـ«الجملة اللذيذة» في تأكيدها على الخصوصيّة، من جهة إصغائها العميق لصوت ينخر ملاط الزمن، أو فكرة تظلّ تتكاثف لتمطر القلوب كلما تبخرت الأفكار.. وهي في معنى آخر رقص وإغراء.. ليفكّرْ كلّ منا قليلاً وسيجد كيف تهطل عليه العشرات من الجمل اللذيذة.
■ رائد وحش
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.