لماذا نسيت فواخرجي الساعة والموبايل في مسلسل كليوباترا؟؟
كان من الطبيعي جداً أن تحمل الممثلة سلاف فواخرجي أثناء أدائها لشخصية كليوباترا في المسلسل الذي يحمل الاسم ذاته موبايلها أو ساعتها أو أي احتياج شخصي معاصر،
بحيث أن هذا الأمر يأتي متوافقاً جداً مع السياق الدرامي للعمل وأداء البطلة للشخصية، ولا مشكلة أيضاً أن تخرج كليوباترا من مخدعها لابسةً الجينز أو أن تستيقظ في الليل على صوت (مسج) من حبيب القلب على اعتبار أن المسلسل يضيع تماماً في الانتماء للمرحلة التاريخية التي يتحدث عنها في كل تفاصيله، فإذا ما شاهدنا صورة واحدة للعمل يستحيل أن ننسبه إلى مرحلته أو حتى إلى مرحلة محددة من تاريخ مصر، كما أن كليوباترا تبدو أبعد ما تكون عن صورتها في التاريخ وفي ذهن المشاهد، وكأن مخرج العمل والقائمين عليه تعرفوا على شخصية كليوباترا لأول مرة عندما همّوا بتصوير المسلسل الذي ضرب بعرض الحائط المرجعيات التاريخية، وغنى وحيداً على يسار الفكر والقراءة التاريخية والصورة العامة للزمن الذي يتناوله.
هي سلاف التي لم تتغير منها سوى الأزياء المتعددة التي تزيدها ألقاً وجمالاً، وحولها يتراقص الكومبارس رغم أن أغلبهم نجوم كبار لا يستهان بإمكانياتهم وأسمائهم، بمعنى أن التجربة أكبر من اسم البطلة، لكنهم لم يدركوا هذه الصورة التي سيظهرون بها كخيالات تمهّد لحضور البطلة في المحافل السياسية والعسكرية، وربما لو ظهرت هذه الصورة قبل البدء بالعمل لما قبلت أسماء مثل يوسف شعبان وأنطوان كرباج المشاركة في العمل. أظهر مخرج العمل أثناء التصوير تحدياً لا مثيل له، وصل إلى حد قوله لإحدى المجلات السورية إن هوليوود كذبة كبيرة وإنه سيتحدى بهذا العمل كل ما أنتج سينمائياًً عن هذه الشخصية، وهذا التحدي يشبه كثيراً التحدي الذي يظهره منتخب كرة قدم عربي لفريق أوروبي ثم يخرج من المباراة بنتيجة خمسة صفر فأكثر لمصلحة خصمه الصامت.
لن يقبل مخرج العمل أو بطلته النقد اللاذع الذي تشنه الصحافة العربية ضد المسلسل على اعتبار أنه مشروع عمر بالنسبة للمخرج تحديداً، فهو عمل ضخم ويحمل قدراً من الجرأة في تناول شخصية كهذه، إلا أن واقع النقد يفترض بنا أن نقول ما قلناه وما تقوله الصحافة حفاظاً على الدراما من التخبط والسير نحو الهاوية، وحفاظاً على شخصياتنا التاريخية العريقة والأصيلة من تجرؤ المخرجين والكتاب على استسهال التناول للموضوعات الكبيرة، فكليوباترا يكمل مسيرة بعض الأعمال الدراما السورية القليلة في تشويه بعض أعلام التاريخ.
ن. م