ربما ..!: العربيّة اللاتينيّة
بين الأخطار الشتى التي تتهدّد العربية تبرز إلى السطح لعنة جديدة تتمثل في اللغة الجديدة التي تصبّ حممها على لغتنا. يمكن الاصطلاح في تسمية هذه اللغة الطارئة بــ"العربية اللاتينية" لكونها أوجدت قاموساً خاصاً قائماً على الحروف اللاتينية والأرقام العربية من أجل كتابة منطوق عربي.
اللغة الجديدة الشائنة التي انتشرت مع انتشار الإنترنت، ثم انتقلت إلى الموبايل، ويتعاطاها الشباب في الدردشة والتراسل، تقوم أبجديتها على استبدال الحروف العربية القحة بالأرقام والحروف الدخيلة، فالحاء هي الرقم "7"، والهمزة "2"، والعين "3"، وعلى سبيل المثال كلمة مثل "مرحبا" باتت تكتب هكذا: "mar7aba"، وعلي "3li".
لا نعرف لمَ يفعل هؤلاء الشباب هذا؟؟، إذ بوسعهم الكتابة بلغتهم، عامية أو فصيحة، أثناء تواصلهم الافتراضي. ربما بدأت القصة مع الشباب المغتربين الذين وجدوا أنفسهم دون لوحة مفاتيح عربية فاجترحوا لأنفسهم هذه الطريقة من باب أن "الحاجة أم الاختراع"، لكن مع المقيمين في البلدان العربية يبدو الأمر مريباً، خصوصاً أن هذه "اللغة" لا تصلح للتواصل لا مع الناطقين بالانكليزية ولا سواها لأنها فقط تعتمد تلك الأحرف في معطيات عربية.
الأكثر غرابة أن غالبية هؤلاء الشباب ضعاف في اللغات الأجنبية!!
البعض عدّها "لغة موازية"، أو نوعاً من التمرد الاجتماعي، لكنها في الحقيقة فهلوة تعبّر تعبيراً دامغاً عن الانسلاخ..
في رواية جورج أورويل "1984" التي تتحدّث عن مكان متخيّل يمثّل ذروة الاستبداد السياسي والإنساني والاجتماعي، يعمل جهاز الدولة على خلق لغة جديدة تناسب طبيعة التدجين في النظام المتعسف.. الإنترنت، بمعنى ما، هو النظام الاستبدادي الذي تنبأ به أورويل..
في مثل هذه الحالات أتذكر دائماً أهم اختراع في اللغة الالكترونية، إنه كتابة الضحكة، ومن أجل هذه السخافة كلها.. أقهقه بشكل مكتوب: ههههههههههههههه..
٭ رائد وحش
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.