بيان إلى الشعب السوري نحو سورية الجديدة!
طُويتْ اليوم صفحة سوداء في تاريخ سورية والشعب السوري؛ صفحةٌ كان شعبٌ بأكمله محشوراً في هامشها الضيق، يعاني شتى صنوف العذاب والقهر والحرمان والآلام والتهجير والفقر والمعتقلات، بينما كان يحتل متنها بأكمله، الاستبداد والفساد والنهب والتغول على حقوق الناس وكراماتهم.
قطع الشعب السوري خلال السنوات والعقود السابقة، درب آلامٍ طويلة... وآن لتلك الدرب أن تنتهي، وآن للسوري أن ينظر إلى المستقبل عيناً بعين، بثقة وبرأس مرفوع، وبآمال عريضة بإعادة بناء البلاد العزيزة على أهلها وإنْ جارت، وما هي بجائرةٍ ولكن أولئك الذين تسلطوا عليها هم الجائرون.
الأمل الذي يملأ النفوس اليوم، هو أمل مشحونٌ بطاقات كبرى، وينبغي له أن يكون أملاً مسلحاً بالحذر والهدوء والحكمة والعقل... أملٌ تحتضنه قلوب حامية ملتهبة، وتحمله عقول باردة حكيمة.
الصعوبات والتحديات جسيمة وضخمة، ولكن السوريين أهلٌ لها، وكلمة السر الأولى في تجاوزها، هي وحدة الشعب السوري وتضامنه وتكافله وصيانته لمؤسسات دولته وحنوه على بعضه البعض، وتساميه عن عقليات الثأر والانتقام، واحتكامه لإرثه الأخوي العميق.
ما يطالبنا به وطننا اليوم، كسوريين، هو أن نعمل معاً لتأمين انتقال سلس وسلمي للسلطة، بحيث يتم في هذه المرحلة تشكيل مرجعية جامعة وظيفتها تأمين الوصول إلى الدستور الجديد والانتخابات الحرة النزيهة الديمقراطية، لتمكين الشعب السوري من تقرير مصيره بنفسه، والاستناد في ذلك إلى القرار 2254 الذي ما يزال صالحاً تماماً كخارطة طريق لمرحلة انتقال سياسي سلمي وسلس نحو سورية موحدة بالكامل، شعباً وأرضاً.
تجارب الشعوب المختلفة تثبت أن رحيل السلطة لا يعني رحيل النظام، وأن عملية تغيير النظام تغييراً جذرياً شاملاً، سياسياً واقتصادياً- اجتماعياً، هي عملية أشد تعقيداً بكثير من مجرد رحيل رئيس وقدوم رئيس.
الشعب السوري يستحق أن تكلل نضالاته بنصرٍ حقيقي مكتمل الأركان، وفي جوهر هذا النصر منع الانتقال من مستبد إلى مستبد ومن ناهب إلى ناهب... ولذا وبقدر ما يمكن لمساحة الفرح الراهن أن تكون واسعة، بقدر ما يمكنها أن تكون مؤقتة في حال لم ينتقل الشعب بشكلٍ فعلي من هامش التاريخ إلى متنه عبر استلامه الفعلي للسلطة.
الاستلام الفعلي للسلطة يعني امتلاك برنامج متكاملٍ لليوم التالي؛ نقطة العلام الفارقة في هذا البرنامج هي أي اتجاه اقتصادي-اجتماعي ينبغي أن تسير فيه البلاد، وجوهر هذه النقطة وغايتها، ينبغي أن تكون العدالة الاجتماعية الحقيقية بعيداً عن اللبرلة المتوحشة التي طبقتها السلطة السابقة، والتي تعدنا بمواصلتها قوىً متعددة من تلك التي ستتحول إلى جزء من السلطة القادمة.
نقطةُ علامٍ أخرى أساسية، هي الموقف الثابت المتجذر للشعب السوري من القضية الفلسطينية بوصفها قضيته، وموقفه الحاسم تجاه الجولان السوري المحتل، أرضاً سورية يجب استرجاعها بكل السبل.
إننا في حزب الإرادة الشعبية، وإذ نهنئ الشعب السوري على طوي صفحة سوداء من تاريخه، ونتمنى له أن تهنأ عيونه باستراحة المحارب التي يعيشها الآن، فإننا نؤكد أن النضال لتحقيق الحرية الكاملة للشعب السوري ولتحقيق العدالة الاجتماعية وإعادة إعمار البلاد وعودة المهجرين إليها، ما يزال طويلاً وشاقاً، ويحتاج إلى الجهود الصادقة المحبة لسورية وأهلها، ويحتاج بشكلٍ خاص للكفاءات الكثيرة التي تركت سورية مضطرة... وسورية اليوم تنتظر هؤلاء كلهم، وعلى أحر من الجمر...
حزب الإرادة الشعبية
دمشق 8/12/2024
تحميل المرفقات :
- البيان PDF (14 التنزيلات)