هل سيتعمق الكساد الأوروبي ويصبح اليورو بلا قيمة لألمانيا؟
عند مراقبة ما يجري مع ألمانيا وبقيّة أوروبا بعد تخريب 3 خطوط من أصل 4 من أنابيب السيل الشمالي 1 و2، وردود فعلهم عليه، يتذكر المرء فيلماً يتحدث عن رجل مخابرات ألماني يدعى باخمان كان يعمل على تجنيد عميل شيشاني، معتقداً بأنّه على قدم المساواة مع عملاء المخابرات المركزية الأمريكية، ليدرك بعد فوات الأوان بأنّهم كانوا يتلاعبون به طوال الوقت، وعندما حانت الساعة جاء الأمريكيون بسياراتهم وسلاحهم إلى وسط الشوارع الألمانية وأخذوا ما يريدون ومضوا، بينما وقف باخمان ووراءه رؤسائه ومرؤوسيه غير قادرين على فعل أيّ شيء سوى مراقبة تخريب عمليتهم. اليوم بدأت الأقلام الغربية تكتب وتفهم ما يحدث لألمانيا وأوروبا، وتعترف بأنّ النخب الحاكمة التي فضّلت البقاء تابعة للأمريكيين تأخذ دولها إلى الهاوية. إليكم مقالاً لبروفسور الأبحاث الاقتصادية في جامعة ميسوري مايكل هدسون عن اليورو وألمانيا في الفترات القادمة:
ترجمة: أوديت الحسين
ركزت ردود الفعل- على تخريب ثلاثة من أربعة خطوط أنابيب السيل الشمالي 1 و2 في أربعة أماكن يوم الاثنين 26 أيلول- على التكهنات حول من فعل ذلك، وما إذا كان الناتو سيبذل محاولة جادة لاكتشاف الفاعل، وإعطاء إجابة عن ذلك. لكن بدلاً من الذعر ممّا حدث، كانت هناك تنهيدة كبيرة من الارتياح الدبلوماسي، بل وتصل حدّ الهدوء. يؤدي تعطيل خطوط الأنابيب هذا إلى إنهاء حالة عدم اليقين والمخاوف من جانب دبلوماسيِّ الولايات المتحدة/ الناتو، والتي كادت تصل إلى مستوى أزمة في الأسبوع السابق للتخريب، عندما خرجت مظاهرات كبيرة في ألمانيا تدعو إلى إنهاء العقوبات، وتفويض السيل الشمالي 2 لحلّ نقص أزمة الطاقة.
كان الجمهور الألماني يتوصل بشكل متسارع إلى فهم ما يعنيه بالنسبة له إغلاق شركات الصلب وشركات الأسمدة والزجاج وشركات الورق. أعلنت هذه الشركات بشكل واضح بأنّها تتوقّع أن تضطر للتوقف عن العمل تماماً– أو تحويل عملياتها إلى الولايات المتحدة– إذا لم تنسحب ألمانيا من عقوبات التجارة والعملة ضدّ روسيا، بحيث تسمح باستئناف واردات الغاز والنفط التي ستفتح الباب على التعويض عن النقص في الطاقة، وإعادة الأسعار من الثمانية إلى عشرة أضعاف الزيادة الفلكية التي وصلت لها.
ربّما سيفيدنا أن نتذكر تصريح صقر وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند في كانون الثاني الماضي: «بطريقة أو بأخرى لن يمضِي السيل الشمالي 2 قدماً» إذا ردّت روسيا على الهجمات العسكرية المتسارعة لحلف شمال الأطلسي/ الأوكرانية على الأقاليم الشرقية الناطقة بالروسية. أظهر الرئيس بايدن مدى إصرار الولايات المتحدة على موقفها إزاء السيل الشمالي 2 في 7 شباط الماضي عندما وعد بأنّه: «لن يكون هناك سيل شمالي 2. سننهي ذلك... أعدك، سنكون قادرين على القيام بذلك».
كان معظم المراقبين لهذه التصريحات قد افترضوا ببساطة أنّها تعكس الحقيقة الواضحة المتمثلة في أنّ السياسيين الألمان ليسوا أكثر من دمى في جيب الولايات المتحدة/ الناتو، وخضوعهم لها كلي. لقد تمسك الأمريكيون برفضهم ترخيص السيل الشمالي 2، وسرعان ما استولت كندا على مضخات شركة «سيمنز» اللازمة لإرسال الغاز عبر السيل الشمالي 1. بدا بالنسبة للأمريكيين بأنّ ذلك حسم الأمور، واستمرّ هذا الشعور إلى أن بدأت الصناعة الألمانية، وعدد متزايد من الناخبين أخيراً يستشعرون بحقيقة ما يعنيه منع وصول الغاز الروسي إلى شركات الصناعة الألمانية.
يبدو أنّ استعداد ألمانيا لفرض كساد اقتصادي على نفسها كان محل شك ولا يمكن ضمان استدامته، وذلك بالرغم من مواقف سياسييها أو بيروقراطية الاتحاد الأوروبي. لو تمّ إجبار صناع السياسة الألمانية على وضع المصالح التجارية الألمانية ومستويات معيشة المواطنين في المرتبة الأولى، فالعقوبات المشتركة التي فرضها الناتو وجبهة الحرب الباردة الجديدة سوف تنهار، فلن يطول الأمر حتّى تحذو فرنسا وإيطاليا حذوها. إنّ كابوس الاستقلال الدبلوماسي الأوروبي هذا جعل من المُلِحّ بالنسبة للأمريكيين رفع قرار العقوبات المناهضة لروسيا من أيدي السياسيين الأوروبيين المعرضين لإزالتهم بالانتخابات، وتسوية الأمور عن طريق تخريب خطي الأنابيب. رغم كونه أحد أعمال العنف، فقد أعاد الهدوء إلى العلاقات الدبلوماسية التي تربط السياسيين الأمريكيين بالألمان.
لم يعد هناك شك اليوم بالنسبة لنخب الولايات المتحدة في عدم قدرة الألمان على استبعاد أهدافهم في حرب باردة جديدة، أو استعادة التجارة والاستثمار المتبادلين مع روسيا. هذا الخيار اليوم هو خارج المشهد. بالنسبة للأمريكيين، تمّ حلّ تهديد أوروبا بالابتعاد عن العقوبات التجارية والمالية التي فرضوها مع الناتو ضدّ روسيا. وذلك ينسحب إلى المستقبل المنظور، حيث أعلن الروس في 28 أيلول بأنّه مع انخفاض ضغط الغاز في ثلاثة من خطوط الأنابيب الأربعة، فضخّ المياه المالحة سيؤدي لتآكل الأنابيب بشكل لا رجعة فيه.
من حيث المبدأ، لا يزال واحد من أصل اثنين من خطوط أنابيب السيل الشمالي 2 صالحاً لنقل الغاز بسعة 27.5 مليار متر مكعب سنوياً. ورغم أنّ مشاكل المضخات «المعتقلة» في كندا قد تسبب مشكلة، وأنّ الأمر يحتاج لتقييم جديد، فكما صرّح أليكسي غريفاك من «صندوق أمن الطاقة الوطني» الموجود في موسكو: «كان لا يزال هناك ضغط عمل في خطّ الأنابيب، الأمر الذي يزال بحاجة إلى فحص. لكن إن كان كلّ شيء على ما يرام، فهو سيكون قادراً على العمل». وقد علّق إيغور غالاكتيونوف من BCS Mir على ذلك بالقول: «إذا حكمنا من خلال المعلومات المتاحة للجمهور، فإنّ خطاً واحداً لم يصب بأذى. من الناحية النظرية، وفي حالة اتخاذ قرار سياسي، وعبر ضبط معدات معالجة الغاز، يمكن توفير الإمدادات عبر هذا الخط».
إلى أين يتجه اليورو والدولار من هنا؟
بالنظر إلى الكيفية التي سيعيد فيها هذا «الحل» التجاري تشكيل العلاقة بين الدولار الأمريكي واليورو، يمكن للمرء أن يفهم سبب عدم مناقشة العواقب الواضحة على ما يبدو لقطع العلاقات التجارية بين ألمانيا وإيطاليا والاقتصادات الأوروبية الأخرى مع روسيا. لقد تمّ حلّ «نقاش العقوبات» من خلال الانهيار الاقتصادي الألماني، وفي الواقع على مستوى أوروبا كلية، وليس ألمانيا فقط. بالنسبة لأوروبا، سيكون العقد القادم كارثي. قد تكون هناك اتهامات متبادلة ضدّ التكلفة التي تمّ دفعها، ومن دفعها مقابل السماح لحلف الناتو بإملاء دبلوماسيته التجارية، لكن ليس هناك من يقترح حلولاً بديلة جذرية. لا أحد «حتى الآن» يتوقع أن تنضم أوروبا إلى منظمة شنغهاي للتعاون، بل المتوقع أن تنخفض مستويات المعيشة فيها.
كانت الصادرات الألمانية الصناعية هي العامل الرئيسي الذي دعم سعر صرف اليورو. الانجذاب الكبير لألمانيا للانتقال من المارك الألماني إلى اليورو كان سببه تجنّب قيام فائض الصادرات لديها برفع سعر صرف المارك الألماني إلى النقطة التي يصبح فيها تسعير المنتجات الألمانية في الخارج في الأسواق العالمية معيقاً لتوسيع الصادرات. إنّ توسيع العملة لتشميل اليونان وإيطاليا والبرتغال وإسبانيا ودول أخرى تعاني من عجز في ميزان المدفوعات من شأنه أن يمنع العملة من الارتفاع. وهذا من شأنه حماية القدرة التنافسية للصناعة الألمانية.
بعد إدخال اليورو في عام 1999 عند معدل صرف 1,12 دولاراً، انخفض بالفعل إلى 0,85 دولار بحلول تموز 2001، لكنّه عاد للتعافي وارتفع بالفعل إلى 1.58 دولاراً في نيسان 2008. وقد كان اليورو يتهاوى للأسفل بشكل مطرد منذ ذلك الحين، ومنذ شباط الماضي 2022 دفعت العقوبات سعر صرف اليورو ليصبح أقل من معدل التكافؤ مقابل الدولار، ليصل إلى 0,97 الأسبوع الماضي. كان العامل الرئيسي هو ارتفاع أسعار الغاز والنفط المستورد ومنتجات مثل: الألمنيوم والأسمدة التي تتطلب مدخلات طاقة ثقيلة لإنتاجها. ومع انخفاض سعر صرف اليورو مقابل الدولار، فتكلفة تحميل ديونها بالدولار الأمريكي– وهي الحالة الطبيعية للشركات التابعة للشركات متعددة الجنسية التي يكون مركزها الولايات المتحدة– سترتفع، ممّا سيضغط على أرباحها.
هذا ليس نوع الكساد الذي يمكن الاعتماد فيه على «الموازنات الأوتوماتيكية automatic stabilizers» لتعمل ضمن «سحر السوق» لاستعادة التوازن الاقتصادي. الاعتماد على الطاقة بنيوي، كما أنّ القواعد الاقتصادية لمنطقة اليورو تحدّ من عجز ميزانيتها إلى 3٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا يمنع الحكومات الوطنية من دعم الاقتصاد من خلال الإنفاق بالعجز. إنّ ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء– وخدمة الديون بالدولار– سيترك دخلاً أقلّ بكثير ليتمّ إنفاقه على السلع والخدمات.
يبدو من الغريب أنّ سوق الأسهم الأمريكية ارتفعت 500 نقطة لمؤشر داو جونز الصناعي في أربعاء الأسبوع الأخير من شهر أيلول. ربّما حدث ذلك بسبب تدخل فريق «الحماية من الغرق Plunge Protection»- فريق العمل الرئاسي المختص بالأسواق المالية الذي تمّ تأسيسه في عهد ريغان في 1988– في محاولة لطمأنة العالم بأنّ كلّ شيء سيكون على ما يرام. لكنّ الواقع الاقتصادي رفع رأسه القبيح في اليوم التالي لتتخلى البورصة عن مكاسبها الوهمية.
صحيح أنّ المنافسة الألمانية مع الولايات المتحدة قد انتهت على حساب التجارة، لكن من ناحية أخرى وعند الحديث عن رأس المال، فانخفاض قيمة اليورو سيقلل من قيمة الاستثمارات الأمريكية في أوروبا، وقيمة الدولار الذي يشكل أيّة أرباح يمكن لهذه الاستثمارات أن تستمرّ في تحقيقها مع انكماش الاقتصاد الأوروبي. لذلك فالمكاسب المعلنة للشركات متعددة الجنسيات في الولايات المتحدة ستنخفض.
كخطوة أخيرة، وكما أشار بيبي اسكوبار في 28 أيلول إلى أنّ «ألمانيا ملزمة تعاقدياً بشراء ما لا يقل عن 40 مليار متر مكعب من الغاز الروسي سنوياً حتّى عام 2030... يحقّ لشركة غاز بروم قانوناً أن تحصل على المال حتّى بدون شحن الغاز. هذه هي روح العقد طويل الأجل... لا تحصل برلين على كلّ الغاز الذي تحتاجه، ولكن لا يزال يتعيّن عليها دفع ثمنه». يبدو أنّ معركة قضائية طويلة ستنشب بين الجانبين قبل أن نرى الأموال تنتقل من يد لأخرى، ولكنّ المؤكد أنّ قدرة ألمانيا على الدفع ستضعف بشكل مطّرد.
وفي هذا الصدد، فإنّ قدرة العديد من البلدان على الدفع قد وصلت بالفعل إلى نقطة الانهيار.
تأثير العقوبات الأمريكية والحرب الباردة الجديدة خارج أوروبا
لا تزال المواد الخام الأولية تسعّر بالدولار بشكل أساسي، وبالتالي فإنّ ارتفاع سعر صرف الدولار سيرفع أسعار الواردات بشكل متناسب لمعظم البلدان. تفاقمت مشكلة سعر الصرف هذه بسبب عقوبات الولايات المتحدة/ الناتو، التي أدّت إلى ارتفاع الأسعار العالمية للغاز والنفط والحبوب. لقد وصلت العديد من الدول الأوروبية ودول الجنوب العالمي بالفعل إلى الحد الأقصى لقدرتها على خدمة ديونها المقومة بالدولار، ولا تزال تتعامل مع جائحة كوفيد. لا يمكن لهذه الدول تحمّل تكاليف استيراد الطاقة والغذاء التي يحتاجون إليها للعيش إذا كان عليهم سداد ديونهم الخارجية. لقد تجاوز الاقتصاد العالمي اليوم حدود ديونه، لذا لا بدّ من تقديم شيء ما.
يوم الثلاثاء 27 أيلول، عندما أصبحت أخبار هجمات السيل الشمالي معروفة للجميع، ألقى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن كلمة أظهر فيها دموع التماسيح، وهو يقول بأنّ مهاجمة خطوط الأنابيب ليست في مصلحة أحد. ولكن إذا كان هذا هو الحال بالفعل، فلماذا يتم الهجوم على خطوط أنابيب الغاز إذاً؟
ليس لديّ أدنى شك في أنّ الاستراتيجيين الأمريكيين لديهم خطة لعب لكيفية المضي قدماً من هنا، والقيام بذلك في الواقع هو ضمن سياق ما يدّعي المحافظون الجدد أنّه في مصلحة الولايات المتحدة– أي الحفاظ على اقتصاد عالمي أحادي القطب، يتم تمويله عبر نظام نيوليبرالي بحيث تبقى الأَمْولة أطول فترة يمكنهم الحفاظ عليها قائمة.
لطالما كان لدى هؤلاء خطة للبلدان غير القادرة على سداد ديونها الخارجية. سيقوم صندوق النقد الدولي بإقراضهم المال، بشرط قيام الدولة المدينة برفع حيازتها من النقد الأجنبي من أجل سداد القروض المدولرة «متزايدة الكلفة» عن طريق خصخصة ما تبقى من ملكهم العام، وإرث الموارد الطبيعية والأصول الأخرى، وبشكل أساسي لمصلحة المستثمرين الماليين الأمريكيين وحلفائهم.
هل ستنجح الخطة هذه المرة، أم أنّ البلدان المدينة ستجتمع معاً، وتبتكر طرقاً لاستعادة العالم المفقود الذي يمكنهم فيه الحصول بأسعار معقولة على نفط وغاز وحبوب وأسمدة ومواد غذائية ومعادن ومواد خام، يمكن أن توفرها لهم روسيا والصين وجيرانهما الأوراسيون المتحالفون دون الحاجة لاسترقاق لصالح الدولار؟
بالنسبة للاستراتيجيين الأمريكيين العالميين، هذا هو مصدر القلق الأكبر. لا يبدو الحل أمامهم بسهولة تخريب السيل الشمالي 1 و2. ولكن يبدو أنّ الحلّ هو النهج الأمريكي المعتاد: شيء عسكري بطبيعته، وثورات ملونة جديدة. الهدف هو إدامة السطوة وتجديدها على دول الجنوب العالمي، والدول الأوروبية، والدول الآسيوية، والتي تمارسها الدبلوماسية الأمريكية على ألمانيا وبقية الدول الأوروبية عبر الناتو.
ما لم يتمّ إنشاء بديل مؤسسي لصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومحكمة العدل الدولية، ومنظمة التجارة العالمية، والعديد من وكالات الأمم المتحدة المنحازة الآن إلى الدبلوماسيين الأمريكيين ووكلائهم، فإنّ العقود القادمة ستشهد ظهور الخطط الاستراتيجية الاقتصادية الأمريكية للهيمنة المالية والعسكرية لواشنطن.
تكمن المشكلة لدى واشنطن في أنّ خططها لكيفية عمل حرب في أوكرانيا والعقوبات ضدّ روسيا حتّى الآن سارت بشكل واضح عكس ما تمّ التخطيط له. قد يعطي هذا الأمر بعض الأمل في المستقبل للعالم. إنّ معارضة وحتى ازدراء الدبلوماسية الأمريكية للدول الأخرى التي تتصرف وفقاً لمصالحها الاقتصادية وقيمها الاجتماعية، قوية جداً لدرجة أنّهم غير مستعدين للتفكير في أنّ هذه الدول قادرة على تطوير بديلها الخاص، والقطع مع منظومة الولايات المتحدة.
من هنا فإنّ السؤال الذي يجب ترقّب إجابته هو: ما مدى نجاح هذه البلدان الأخرى في تطوير نظامها الاقتصادي الجديد البديل؟ وكيف يمكنها حماية نفسها من الوقوع في حفرة المصير الذي فرضته أوروبا على نفسها في العقد القادم؟
بتصرّف عن:
www.nakedcapitalism.com
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1092