شباب القوى العاملة: نساءٌ عاطلات وذكورٌ مغيبون

شباب القوى العاملة: نساءٌ عاطلات وذكورٌ مغيبون

هنالك جيل كامل- ممن هم اليوم شباب الأزمة السورية- تعرّض لصدمة اجتماعية واسعة طالت أسس بناء المستقبل، والقدرة على العمل. القوى العاملة السورية الشابة وحتى قبيل منتصف العمر، الذين هم الأكثر فعالية وإنتاجاً لا يملكون الحق الفعلي في توظيف هذه الفعالية. وبين بيانات القوى العاملة السورية دلالات على الظواهر الاجتماعية الواسعة التي تعصف بالمجتمع السوري، وسنذكر منها رقمين أساسيين حول وضع النساء الشابات، ونقص الشباب الذكور. فالنساء أكثر عدداً وأكثر بطالة، والقوى العاملة الشابة من الذكور تقلصت بمئات الآلاف...

760 ألف شابة عاطلة عن العمل

النساء هم أغلبية في المجتمع السوري اليوم... ومن القوى البشرية التي تشمل من هم فوق 15 عاماً تشكّل النساء نسبة 54%... ومع ذلك فإن النساء المشتغلات في أعمال نظامية لا يتجاوزن نسبة: 20%. إذ تعمل في الأعمال النظامية السورية 760 ألف امرأة فقط.
وبالمقابل، فإن العاطلين عن العمل هم بغالبيتهم من النساء ويشكّلن نسبة 74% من العاطلين عن العمل، معظمهنّ شابات بين عمري 20-34. ووفق الأرقام الرسمية فإن 775 ألف شابة مسجّلات رسمياً كعاطلات عن العمل!
إن نسبة التعليم بين النساء مرتفعة والطالبات أكثر عدداً من الطلاب، وبالمقابل، فإن السوق السورية بطبيعة أعمالها تُشغّل الذكور من حملة الشهادة الابتدائية وما دون... وهؤلاء يشكّلون نسبة 40% تقريباً من المشتغلين في سورية! إنّ هذه المفارقة بين طبيعة الأعمال التي تتطلب مهارات عضلية أكثر مما تتطلب معارف علمية تؤدي عملياً إلى بطالة واسعة بين النساء والشابات تحديداً، ولتكون 760 ألف امرأة شابة عاطلة عن العمل!
تعمل هؤلاء الشابات أعمالاً متقطعة وغير نظامية بأجور أقل من الوسطي، من الدروس الخصوصية إلى العمل المؤقت في المحال التجارية وقطاع الخدمات، وصولاً إلى عمل الشابات في الورش غير النظامية والأعمال الزراعية الموسمية والخدمات المنزلية وغيرها... أوضاع غير مستقرة لمئات آلاف الشابات المحتاجات للعمل، واللواتي لا توفّر لهن سوق العمل الحالية إمكانات عمل كريمة.

730 ألف شاب بين الهجرة والموت والتغييب

الرقم الصادم التالي هو النقص الحاد في شريحة القوى العاملة الشابة من الذكور، وتحديداً في الشريحة بين عمري 25-44 سنة، فإن أعداد الإناث أكثر من أعداد الذكور بمقدار 730 ألف. وهو ما يدل على الحد الأدنى من النقص في عدد الذكور، إذ إن هؤلاء المولودين بين عامي 1975- 1995 تقريباً كانت أعدادهم كمواليد متقاربة مع أعداد المواليد الإناث، بل في العديد من السنوات كانت أعداد المواليد الذكور أعلى في سورية.
730 ألف شاب غير موجودين ضمن عداد القوى العاملة، والأسباب هنا عديدة، أوّلها وأهمها: الهجرة لهذه الشريحة الواسعة هرباً من سنوات الخدمة العسكرية الطويلة في ظروف 10 سنوات من الحرب. وثانياً: عدم القدرة على تأسيس مستقبل وإعالة أسر في ظروف الدخل السوري، الأمر الذي شكّل دافعاً أساسياً للجوء وهجرة ملايين السوريين. وثالثاً: هو الخسائر الحادة في الأرواح ضمن هذه الشريحة من السكان، فالشباب الذكور اضطروا لأن يكونوا الوقود المباشر لسنوات الأزمة، وهم أخيراً الأكثر عرضة لكل أشكال التغييب القسري التي شهدتها الحرب السورية وكثير منهم في المعتقلات.
مئات الآلاف هؤلاء من شباب القوى العاملة لا يمتلكون فعلياً القدرة على العمل داخل البلاد، ويعملون اليوم في الخارج، لينقلون جزءاً قليلاً من عائد قوة عملهم إلى داخل البلاد عبر آليات تحويل الأموال المختلفة التي تعيل مئات آلاف الأسر السورية اليوم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1016