معالجة أمنية... لوضع الليرة والدولار!
أصدر مصرف سورية المركزي بياناً بتاريخ 14 شباط حول الوضع في سوق القطع، غلب على البيان والإجراءات المتخذة الطابع "الأمني" حيث تمّ الحديث عن تعاون هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مع الجهات المعنية لتضع يدها على مجموعة من الشركات والجهات التي تعمل بالمضاربة على الليرة ومصادرة كميات كبيرة من الأموال بالليرات السورية والدولار، متحدثاً أيضاً عن أدوات تدخل أخرى غير محددة الطابع.
هذا التصريح هو الأوحد تقريباً للبنك المركزي حول أسعار الصرف منذ أكثر من ستة أشهر، حيث كان يعمّ الصمت بينما تستمر أسعار الدولار بالارتفاع التدريجي، عاكسة انخفاض قيمة الليرة وارتفاع المستوى العام للأسعار في سورية.
الإجراءات الأمنية في مواجهة مشكلة ارتفاع الأسعار... هو علاج جانب محدد وصغير في ظاهرة كبيرة ومتشابكة بحجم التدهور الاقتصادي! فالمضاربين والمضاربة هم نتيجة موضوعية للطلب على الدولار، والطلب على الدولار هو نتيجة لتراجع الطلب على الليرة، أمّا تراجع الطلب على العملة المحلية فنتيجة لتراجع الاستثمار والاستهلاك ومجمل الناتج السوري، الذي يؤدي لفقدان الليرة لقيمتها.
بالطبع هنالك جانب من المعالجة يفترض أن يكون أمني الطابع، ولكنه إذا لم يكن مرتبطاً أو تالياً للعمل على الجوانب التي تشكّل جوهر المشكلة سيكون بمثابة (دقّ المّي... وهييّ مَي). لأن المطلوب هو معالجة التدهور الاقتصادي عبر ضخ تمويل إنتاجي بالليرة يخلق مزيداً من التشغيل والسلع والخدمات في الاقتصاد المحلي، أي يخلق ثروة محلية مجدداً... مقيّمة ومنتجة بالليرة! وهذا للأسف لا يمكن معالجته بالمعطيات الحالية بل يحتاج إلى بيئة صحيّة سياسياً تسمح لمن يملك موارد بالليرة أن يستثمرها إنتاجياً داخل البلاد، وتسمح للقوى الحيّة بالتمسك والبقاء في سورية، وتخرج البلاد من دوامة الخطر، وتفتح (طاقة فرج) سياسية... ودون هذا وذاك فإن المعالجات الأمنية لمسألة (الدولار والأسعار) لن تكون إلا إيحاء بالحركة بأحسن الأحوال.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 0