صندوق النقد الدولي (يريد أن يتفاءل)!

صندوق النقد الدولي (يريد أن يتفاءل)!

نشر صندوق النقد الدولي تقريراً للتوقعات الاقتصادية للعام القادم، مع تطمينات حول مؤشرات النمو الاقتصادي العالمي، الذي يتوقع الصندوق أن يحقق نمواً بنسبة 3.5% بالمقارنة بمعدل نمو 3.1% لعام 2016.

ولكن هذه التوقعات المتفائلة مرتبطة بمؤشرين هامين، الأول: ارتفاع معدل النمو في الولايات المتحدة إلى 2.3% أي بنسبة 43% عن نمو العام الماضي 1.6%.

والثاني: نمو التجارة العالمية بمعدل نمو 3.8%، وبارتفاع عن معدل نمو التجارة العام الماضي بنسبة 72%، بعد أن كان نمو التجارة العالمي المعلن في العام الماضي 2.2%.

أي أن تفاؤل الصندوق مرتبط بارتفاع معدل النمو في الولايات المتحدة، وبتوسع التجارة العالمية، بينما تقديراته تشير إلى أن الصين ستحافظ على معدل نمو 6.4%، وذلك رغم أن الصين حققت في العام الماضي معدل نمو أعلى من توقعات الصندوق، والولايات المتحدة والتجارة العالمية نمتا بمعدل أقل من توقعات الصندوق.

البناء على اقتصاد الولايات المتحدة، وعلى التجارة العالمية يراه البعض من مخلفات الماضي، وتأتي مؤشرات الولايات المتحدة في العام الحالي لتثير الشكوك في (التفاؤل الاقتصادي الدولي)..

استهلاك واستثمار ضعيف

بخصوص توقعات ارتفاع معدل النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، بنسبة تقارب 43% عن معدل نمو العام الماضي، فإن توقعات الصندوق، تتضارب مع أرقام بداية هذا العام، وبعض المؤشرات الأمريكية. حيث أن اقتصاد الولايات المتحدة قد شهد خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، أضعف أداء له منذ عام 2014، وذلك بأخذ التباطؤ الكبير في مؤشري الإنفاق الاستهلاكي من جهة، ومؤشر إنفاق المستثمرين على سلع الإنتاج.

حيث نما معدل النمو بأقل من 0.7%، مقابل 3.5% في النصف الثاني من عام 2016، أي تراجع ارتفاع النمو خلال ثلاثة أشهر بنسبة 80%!

حيث أن إنفاق المستهلكين الأمريكيين قد شهد أدنى مستويات توسع له منذ عام 2009، يضاف إلى هذا انخفاض الإنفاق الحكومي إلى 1.7%، وهو أيضاً الانخفاض الأكبر منذ عام 2014.

أما الأهم فهو: تخفيض قطاع الأعمال للإنفاق على وسائل الإنتاج والسلع الوسيطة، نتيجة عدم بيع المنتجات وتكديسها. حيث أن الشركات قد راكمت بمقدار 10.3 مليار دولار، مقابل 49.6 مليار دولار في الربع السابق.

الاستثمار في بعض القطاعات الأمريكية دفع النمو إلى معدل 0.7% في الربع الأول، حيث بناء المنازل قد نما بمعدل 13.7% بين شهري 1-3 من عام 2017، أما القطاع الذي نما الاستثمار فيه بمعدل استثنائي فهو التنقيب المعدني والنفطي الذي ارتفع بمعدل نمو قياسي 449% بالقياس إلى معدل نمو 24% تقريباً في الربع الماضي.

حمائية وإلغاء اتفاقيات.. ونمو تجارة!

فيما يخص التجارة، تبدو توقعات النمو الكبير للتجارة العالمية في العام القادم، متناقضة مع التوافق الأخير لمجموعة العشرين على عدم مهاجمة الحمائية التجارية، ومتناقضة كذلك الأمر مع الإدارة الأمريكية المتخبطة حتى الآن، والتي تريد إعادة صياغة مجمل اتفاقياتها التجارية، وتفرض ضرائب على الواردات الأجنبية، وأوشكت على إعلان حرب تجارية مع الصين، والأهم: أن التفاؤل بإحياء التجارة الدولية- وهي تتراجع دائم منذ ما بعد الأزمة العالمية- يتناقض أكثر مع التصعيد الأمريكي للتوتر في الشرق الأقصى حيث قرابة ربع الإنتاج العالمي، وحيث الطرق البحرية التي تصل أهم مصدري العالم في آسيا مع أكبر مستهلكي العالم في أميركا الشمالية وأوروبا.

معلومات إضافية

العدد رقم:
808