أ. د. اسماعيل شعبان أ. د. اسماعيل شعبان

الأسعار وتشكيلها بين الأماني والواقع

1. إن تشكل الأسعار العفوي هو نتيجة فاعلية قانون العرض والطلب، الساري في إطار القطاع الخاص في النظام الرأسمالي، حيث العقد شريعة المتعاقدين، بغض النظر عن الغبن والغابن والمغبون، بدون تدخل من الدولة.
2. كما أن هنالك تشكيل الأسعار بشكل تدخلي كليا، كما في المجتمعات المخططة مركزياً، كما كان الأمر عليه في الأنظمة الاشتراكية السابقة، حيث أخذ بعين الاعتبار متوسط الحاجيات الضرورية للإنسان في المسكن والمأكل والملبس والتدفئة، والطبابة والمواصلات .. الخ الخ، وتسعيرها بما لا يتجاوز نسبة معينة من دخل الفرد الذي يوضع بشكل يغطي الحد الضروري من الاستهلاك اللازم لإشباع هذه الحاجيات الضرورية، مع إتاحة الفرصة لزيادة الدخل والاستهلاك برفع مستوى التأهيل والأداء وحصول كل حسب عمله.

3. ونتعرض في القطر إلى كلتا الحالتين :
آ- تشكل الأسعار عفويا بتأثير قانون العرض والطلب في إطار القطاع الخاص..
ب - تشكيلها من قبل الدولة بفرضها أسعار السلع المحتكرة من قبل القطاع العام ، مثل البترول ومشتقاته، الكهرباء، الهاتف، المياه، السجائر، البيرة ... الخ الخ..
4. ولكن الزيادة الرسمية في أسعار بعض السلع الاستراتيجية المحتكرة يمكن أن يؤدي إلى ارتفاعات سعرية مركبة ومتعددة لمجموعة من السلع والخدمات الحياتية المبنية عليها، أو المنتجة بواسطتها، ولذلك لابد من ضبطها وربطها لضرورتها اجتماعيا وتكرار استهلاكها اجتماعيا.
5. وإذا كان ما حدث أخيرا من ارتفاعات سعرية في القطر لبعض المواد يمكن تغطيته من قبل موظف أو متقاعد حصل على زيادة ولو نسبية من راتبه أو من معاشه، ولكن ما هو وضع ذلك المواطن العاطل عن العمل، ولا يملك دخلاً، أو ذلك الحرفي البسيط الذي عليه أن يستهلك وأسرته بالأسعار الجديدة بدون أن يزداد دخله، لذلك لا بد من اخذ ما تقدم بعين الاعتبار، وجعل ارتفاع أسعار الضروريات متناسباً مع الحد الأدنى من الدخل.
6. هذا ويبرر البعض الزيادات في الأسعار الأخيرة بحجة الضرورة الاقتصادية التنموية لتغطية كلفة المنتج السلعي أو الخدمي، لتحقيق الفائض اللازم للاستثمار والتوسع الإنتاجي لخلق وظائف جديدة لـ 200 ألف طالب وظيفة جديدة سنويا ، وإنتاج سلع وخدمات جديدة لإشباع نصف مليون مواطن جديد سنويا في القطر.
7. وقد يتساءل البعض هل هذه الاندفاعات السعرية كانت استجابة لوصفات صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي .. ولكن يمكن القول أن الزيادة الحاصلة لا تحتاج إلى وصفات دولية لإجرائها وإن كانت تقع في مدارها، إلا أن التبرير الاقتصادي المجدي لها، هو ضرورة تغطية كلفة السلعة أو الخدمة بالسعر المكافئ، وإلا فستقل كميتها وتسوء نوعيتها مع الزمن، أو تدعم بالعجز المسحوب من الخزينة المركزية على حساب حصة الاستثمارات اللازمة لخلق الوظائف الجديدة وتوسيع الخدمات القائمة...
8. هذا ويرى البعض (وأنا منهم)، أنه كان يمكن تأمين حصيلة الزيادة السعرية الأخيرة عن طريق :
أ - تفعيل الضرائب المباشرة الفعلية (وليس الخلبية)، على المطارح الضريبية القائمة كالدخول الحقيقية الخيالية المتحققة لدى البعض وخاصة وكالات استيراد الكماليات.
ب - تأمين مطارح ضريبية جديدة على الرفاهية، مثل القصور الفخمة والفيلات الضخمة، والمؤسسات غير الانتاجية المكلفة.
جـ - رفع ضرائب الكماليات الترفيهية مثل السيارات الفارهه، البنزين، الذهب...
د - ضريبة دخل ( مكافئة للضريبة المحلية) على المغتربين الذين درسوا مجاناً على حساب الشعب، وهم يعملون في الخليج برواتب خيالية بدون أن يوفوا الشعب حقه.
هـ - (مصادرة) السيارات العامة (الحكومية ) المهدورة بالاستعمال التبذيري والتشفيط والإطارات وقطع الغيار والإصلاحات الخلبية، والاستعمال خارج الخدمة الوظيفية الخ، وإعطاء المسؤول مقابل مواصلاته مبلغا معينا، أو سيارة (فولكس فاكن) صغيرة،أو سيارة متواضعة مثل التي يركبها رئيس وزراء الهند، وليس سيارة شبح، أو فيلة ، أو خنزيرة ، أو غواصة لمسؤولين يعلمون عليها أولادهم وزوجاتهم... الخ ..

و - إلغاء بونات البنزين نهائيا، وفتح ملف المساءلة كيف صرفت البونات السابقة، واسترداد قيمتها.. الخ الخ.
ز - مع ترشيد الاستهلاك في كل ما يتم التبذير  به.. الخ . سواء برفع مستوى الإدارة، أو بتعميق التوعية، أو برفع الأسعار ( كالكي آخر دواء) .. الخ. وبذلك ستتحقق الحصيلة الدخلية المطلوبة والزائدة وبدون ضرر ولا ضرار...

معلومات إضافية

العدد رقم:
176