قطاع الكهرباء.. من الإهمال إلى الأزمة والخصخصة

مايزال الناس في سورية يتذكرون بألم سنوات مظلمة كان يجري  فيها تقنين الكهرباء لساعات طوال، الأمر الذي طبع مرحلة كاملة من القرن الماضي بطابع التقشّف والندرة والضيق، وترك في الذاكرة الجمعية للمواطنين ندوباً عميقة.. والآن يبدو أن البعض يريد تجديد هذه الذكريات بصورة أشد وطأة تتناسب عكساً مع ازدياد متطلبات السوريين وحاجاتهم..
السوريون ربما حسبوا في فترات (رخاء) نسبي مضت، أن أزمة الكهرباء أصبحت خلفهم، لكنهم ما لبثوا أن شعروا بدنو عودتها مع عودة التقنين وذكرياته القاسية مؤخراً، ولعل الأخطر أنهم أدركوا نتيجة تصريحات المسؤولين (الكهربائيين) بالإضافة للمؤشرات والأرقام، أن البلاد مقبلة على أزمة كبيرة ومتفاقمة، أزمة ربما بدأت تدخل مرحلة التدهور والاستعصاء..

 أسباب عميقة
 
إن السبب الحقيقي لتفاقم الأزمة يعود من حيث الجوهر لتخلف البنية التحتية الكهربائية وإبقاء المسؤولين عليها طوال عقود ضعيفة وهشة، مما جعلها تسير دائماً ببطء خلف تطور الحاجة السورية لهذه الطاقة، وقد ساهم في تكريس هذا الواقع عدم اعتراف المسؤولين عن هذا القطاع الحيوي بوجود أزمة، وعدم نزاهة وكفاءة المعنيين فيه، مما أدى لانعدام قدرتهم على استشراف الحاجات الراهنة والمستقبلية.. وزاد الطين بلة تراجع حصة الإنفاق الاستثماري في الموازنة العامة بعد انتهاج الحكومة السياسات الليبرالية، وتركها الجانب الخدمي يعيش تخبطاً وتراجعاً غير مسبوق.. كل ذلك جعلنا أمام أزمة مقبلة تشير المعطيات القائمة أنها ستكون شديدة... فالآن، وبعد فوات الأوان، تؤكد المؤسسة العامة لتوليد ونقل الطاقة الكهربائية أن العجز الحالي يصل إلى حدود 1000 ميغاواط، وسيصل في العام 2012 إلى 1800 ميغاواط.
 
تدفق الاستثمارات.. والتدهور الكهربائي
 
تعد وزارة الكهرباء الجهة الأساسية المناط بها مهمة إنتاج احتياجات القطر من الطاقة الكهربائية، لكن ليس وحدها، بل إن وزارة النفط تنتج هي أيضاً الطاقة الكهربائية عبر مجموعات التوليد التابعة لها في كل من مصفاة حمص وحقول السويدية، ويبلغ إنتاجها ما يزيد عن 1000 ميغاوات ساعي، يضاف إلى هذا استيراد الطاقة الكهربائية عبر خط الربط السباعي والاتفاقيات المبرمة مع تركيا، والذي انخفض إلى الثلث مقارنة بالعام 2007، لذلك يصبح السؤال مشروعاً: لماذا يحدث هذا العجز رغم اعتماد إنتاج الطاقة الكهربائية لدينا على ثلاث جهات تقوم بتغذية الشبكة الكهربائية؟
إن (الانفتاح) الذي راحت البلاد تعيشه مؤخراً، وبدء تدفق الاستثمارات الشكلية عليها، رفع الطلب على الطاقة، وأدى بالمحصلة بفضل الاستهلاك الكبير لهذه الاستثمارات المتربعة على عرش المجالات الخدمية التي تستهلك الواحدة منها طاقة كهربائية تضيء بيوت الآلاف من المواطنين، إلى تآكل كل الاحتياطي الدوار، حتى وصلنا في العام 2006 إلى الأزمة العظيمة للقطاع الكهربائي، وهي أزمة من حيث عمقها ومحاولة توريتها شبيهة بأزمة الاقتصاد العالمي في العام 1929، والتي لم يعترف الواقعون فيها بحقيقتها حتى تفجرت بشكل كلي، وهذا بالضبط ما حدث عندنا، حيث كان لدى سورية في العام 2000 أكثر من 1300 ميغا واط احتياطي دوار، استهلكت كلها بشكل سريع، ولم يبق أمام المسؤولين إلا الاعتراف أن لا طاقة لدينا.. وأننا في أزمة!
 
أزمة.. ولكن؟
إن الاعترافات الحكومية المتأخرة بوجود أزمة، شكّلت ما يشبه محاولة التنصل من التبعات القادمة، فربما لأول مرة في سورية يخرج مسؤول حكومي رفيع ليقول حقيقة دون أقنعة أو مناورة، ولكن ليس لأنه اعتاد الشفافية، بل لأن كل المناورات لم تعد مجدية.
فقد اعتبر د. قصي أحمد كيالي وزير الكهرباء في تصريح قصير مؤخراً أن الأزمة الحالية حقيقية وليست عابرة، وذلك لعدم قدرتنا على توليد كامل حاجتنا من الكهرباء، وهذا يتناقض كلياً مع ما قاله في نهاية الشهر المنصرم: «الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية نتيجة ارتفاع درجات الحرارة»، فكل منهما يحمل معنىً مختلفاً، لأن التصريح الأسبق يضع الأزمة في ترتيب الأزمة العابرة المؤقتة لا العميقة، وإذا افترضنا أن ذلك صحيح، فكيف تستطيع الدول ذات الحرارة المرتفعة (الخليج العربي والدول الإفريقية) أن تؤمن حاجات شعوبها من الكهرباء، أم أن شعوب هذه البلاد لا تعرف الكهرباء ومازالت تعيش على الشمعة أو على ضوء القمر؟ فنحن على سبيل المقارنة، لا نستهلك أكثر من 20% من استهلاك السعودية، على الرغم من تقاربنا في عدد السكان، فكيف تؤمن السعودية حاجتها بوجود حرارة تصل في الصيف إلى أكثر من 50 درجة مئوية، وليس 35 درجة كما الحال عندنا؟
أما إذا كانت الأزمة حقيقية، فهل حصلت بشكل مفاجئ، أم أن هناك تردياً تراكمياً في حالة محطات التوليد والإنتاج والشبكة بشكل عام أوصل الكهرباء في سورية إلى هذه الحالة المزرية، نتيجة الإهمال والسرقة والرشاوي والفساد؟ أليس القائمون على هذا القطاع هم أنفسهم من أوصله إلى هذه الحالة البائسة؟!!
 
مشاريع المستثمرين السياحية والعقارية تبتلع الإنتاج الكهربائي
 
الوزير في تصريحه الأخير، أكد أيضاً أن الزيادة السكانية والتوسع وأعمال الصيانة هي أسباب أخرى لأزمة الكهرباء، بالإضافة للفاقد الفني والتجاري الذي يصل إلى 28%، أما حل الأزمة وهو أخطر ما قاله، لا يكون إلا بإدخال القطاع الخاص مجال الاستثمار الكهربائي، والحقيقة أن هذا ما بدأت الحكومة بالإعداد له والترويج لفضائله المنتظرة!.
وإذا أردنا مناقشة هذا (التجديف)، فأول ما يمكن قوله، هو أن الزيادة السكانية أمر له أرقامه وحساباته المعروفة والمستشرفة، وبالتالي لم يحدث فجأة وبصورة غير متوقعة، وكان لا بد من تداركه ووضعه في حسابات الوزارة، لأنه تحصيل حاصل، وأمر لا مفر منه، فهل نحن الدولة الوحيدة التي يزداد عدد سكانها؟! فلماذا لم تقم الوزارة بإنشاء محطات تغذية كهربائية وفق برنامج استراتيجي لاستيعاب هذه الزيادة المتوقعة؟
علماً أن مجمل الاستهلاك المنزلي لا يشكل في ذروته ربع الاستهلاك الإجمالي في القطر حسب الأرقام الرسمية، فتفاقم المشكلة وتوضعها حسب تحليل العديد من المتخصصين ووفقاً للمنشأ الزمني للأزمة هو في مشاريع المستثمرين السياحية والعقارية القادمة إلى سورية، والتي تبتلع الإنتاج الكهربائي واضعة ربحاً كبيراً في جيوب أباطرة المال الذين تم إعفاؤهم من كافة الضرائب، وقدمت لهم كل التسهيلات حتى الكهربائية منها، وبالطبع على حساب المواطن السوري والاستهلاك المنزلي تحديداً، لأن من يملك منشأة سياحية أو تجارية أو صناعية تدر عليه ربحاً بملايين الليرات السورية سيكون قادراً على تجاوز انقطاع كهرباء الحكومة باستعانته بمولدات خاصة بكل بساطة، وهذا ما يعجز المواطن السوري عن فعله. فلماذا توضع المشكلة دائماً على الاستهلاك المنزلي ويطالب المواطن بالتقنين والترشيد، في الوقت الذي يستبيح فيه القطاع الخاص السياحي والصناعي الطاقة الكهربائية؟
لقد أكدت الدراسة التي قدمها المهندس مصعب نجيب من مركز الاختبارات والأبحاث الصناعية في وزارة الصناعة أن ما يستهلكه أي منتج صناعي في سورية من الطاقة الكهربائية يعادل تسعة أضعافه في أوروبا وأمريكا، لذلك لابد من تقديم ما يشجع الصناعيين للتحول إلى إنتاج الطاقة ذاتياً من الشمس أو الرياح حيث تأخذ المنشأة الصناعية حاجتها ويضخ الفائض عبر الشبكة، وبالتالي يجب وضع تشريعات حكومية تنظم هذه الآلية، وتشجع الصناعي للسير بهذا الاتجاه.

 كرمى عين القطاع الخاص؟

أما إذا أردنا الحديث عن الفاقد الكهربائي الذي بقي على حاله إن لم نقل ازداد منذ عام حتى الآن، حيث تعترف الوزارة الآن بفاقد كهربائي 28%، بينما وضعت في خطتها لعام 2009 تخفيضه ليصل إلى 26%، فهنا يمكن أن نسأل وزير الكهرباء: هل الفاقد الكهربائي البالغ حسب التصريحات غير الحكومية حوالي 40%، أي ما يقارب من نصف الإنتاج، يتحمل مسؤوليته الشعب والمواطن، وذلك عبر انقطاع التيار الكهربائي عنه لعدة ساعات، أم أن القضية قضية إهمال وفساد ضمن وزارة الكهرباء ومؤسساتها، وهو الذي أدى إلى تراجع الإنتاج والوصول إلى الأزمة الكهربائية الفاضحة منذ العام 2006؟!! وإذا لم تكن الوزارة هي المسؤولة، فمن هو المسؤول إذاً؟!
أما إذا وصلنا إلى الحل الوحيد بالمنظور الحكومي، وهو إدخال القطاع الخاص في مجال إنتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية، فعلى ما يبدو أنه يجد معارضة في الوزارة نفسها، حيث يعتبره كثيرون أمراً مرفوضاً وغير ناجع أو فاعل، حيث اعترف عبد الحليم القاسم معاون وزير الكهرباء أن لمشاريع القطاع الخاص في مجال الكهرباء تداعيات اجتماعية واقتصادية يجب أخذها بالاعتبار، تضاف إلى إمكانية حدوث نتائج كارثية في حال التحرير الكامل لسوق الطاقة كما حدث في الكثير من الدول المتقدمة، وذلك لأن الاستثمار عبارة عن مجموعة معامل، وهذا له علاقة مباشرة بأسعار النفط المحلي والمستورد.
بعد هذا التأكيد الرسمي ألا يجب أن نسأل: هل كان رفع أسعار المحروقات في سورية والتي تؤدي بدورها إلى رفع تكلفة المنتج الكهربائي ما هو إلا استمرار مبطن لسيناريو مفتعل له مآربه!!
إن فشل القطاع الخاص في مجال الإنتاج الكهربائي تؤكده التجربة الروسية التي كانت كارثية من الناحية الاجتماعية والإستراتيجية على روسيا والشعب الروسي، ولم تحقق سوى أرباح كبرى لبعض الرأسماليين الجدد. أما عندنا فمن حقنا التصور اليوم أن أزمة الكهرباء جرى تفعيلها ومراكمتها عبر سنين وقرارات وإجراءات خاطئة وغير مسؤولة لإيجاد مشروعية لمصدر القرار لإدخال القطاع الخاص مجال إنتاج وتوزيع الكهرباء..
من ناحية ثانية فقد اعتبر وزير الكهرباء أن الربط الذي قمنا به مع الدول العربية وتركيا غير مجدٍ عند الضرورة، وهذا يطرح عدداً من التساؤلات أهمها: لماذا نستمر باتفاقيات الربط الكهربائي إذا لم يفدنا هذا الربط في أيام الذروة والحاجة الملحة؟؟! فما هي حاجتنا إليه في الأيام الاعتيادية عندما تكون شبكتنا قادرة على استيعاب وتحمل الاستهلاك المحلي، فالإنتاج المقدم في الأيام الاعتيادية لا يمكن الاستفادة منه لأن الطاقة الكهربائية المنتجة تستهلك فوراً ولا نستطيع تخزينها، بل الأهم من ذلك، وهو أخطر ما في الأمر، أن نفي نحن بالتزاماتنا تجاه هذه الدول في أيام الذروة ونحرم مواطنينا منها!!
 
مصادر أخرى للطاقة
 
ثمة أمر غريب يجري لدينا، وهو أن القيمين على القطاع الكهربائي لم يحاولوا أن يسلكوا طرقاً أخرى لتوليد الطاقة الكهربائية على الرغم من امتلاك بلادنا لإمكانات كبيرة في مجالات طاقوية متعددة، بدءاً من المصادر المائية المتوفرة في مختلف أنحاء البلاد، مروراً بتوليد الطاقة الكهربائية من المصادر المتجددة (الريحية والشمسية)، والطاقة الكهروذرية، والمحطات الحرارية والمجموعات البخارية والغازية، وصولاً إلى العمل على إنشاء محطات توليد خاصة بالمناطق الصناعية والمعامل الكبيرة المعفاة من تقنين الكهرباء, وتؤمن لها الطاقة اللازمة بشكل متواصل على حساب الناس العاديين، علماً أن المناطق الصناعية والمعامل الكبيرة تستهلك ما يزيد عن 60% من الاستهلاك الصناعي للكهرباء.
 
القطاع الكهربائي جزء من الأمن الوطني
 
إن الجانب الأكثر غموضاً في قضية الأزمة الكهربائية هو التهرب المستمر للقائمين على تنفيذ السياسات الحكومية من التوقيع على عقود جديدة لتوليد الطاقة الكهربائية، والذي أدى إلى تفاقم أزمة الكهرباء واستفحالها، حيث مضى أكثر من عامين على توقيع آخر عقد لتوليد الكهرباء!!
بل إن وزارة الكهرباء كانت تؤخر التوقيع النهائي على عقود توسيع محطات الطاقة الحرارية في سورية، وخير مثال على ذلك إخفاق الاتفاق مع الجانب الروسي على توسيع محطة تشرين لعدم الاتفاق على المواصفات الفنية وحجم التوريدات، وأسعار بناء هذه المحطات، كما أن الحكومة احتاجت مثلاً إلى خمس سنوات من التفاوض لتلزيم 400 ميغا في محطة تشرين مع شركة «بهارات» الهندية، فهل تحتاج هذه الكمية لكل هذا الوقت من التفاوض؟ وهذا بدوره يعطي مشروعية للسؤال: وما هي الأسباب الكامنة وراءه؟!
يؤكد العديد من المطلعين أن آليات التعاقد والإعداد للاتفاقيات المتبعة في وزارة الكهرباء، هي التي تؤدي إلى إفشال أية محاولة للتعاقد مع أي جهة كانت، لأنها تضع معادلة لا يكون حلها إلا بانقطاع التيار الكهربائي والظلمة عبر طلبهم في العقود المزمع إبرامها الجودة والنوعية الأفضل والأعلى مقابل أرخص الأسعار، لتضاف إليها عمولة عالية للقائمين على تمرير هذه العقود، وهكذا تكون النتيجة النهائية انقطاعاً مستمراً للتيار الكهربائي وتقنيناً يستمر لساعات طويلة في كل يوم، أي أن المعادلة على النحو التالي:
أفضل نوعية + أقل الأسعار + أعلى عمولة = انقطاع مستمر للتيار الكهربائي حيث إن مخططي السياسات الحكومية يطلبون بشكل دائم من المتعهدين والراغبين في التعاقد لتوسيع محطات الطاقة الكهربائية في سورية تخفيض الأسعار التي يطلبونها، وتشترط عليهم في الوقت ذاته تقديم أفضل نوعية من المواد والأعمال، وهذا بالطبع يخفي وراءه سعياً وراء عمولات كبيرة، يحاول البعض عبر هذه الشروط والعقود الاستفادة منها، وهذا يتناقض مع المنطق الطبيعي للأمور، لأنه وبكل بساطة كلما ارتفعت جودة الخدمة المقدمة ستميل أسعارها بالضرورة إلى الارتفاع، كما أن الموضوعية في طرح القضية تعني أن الإدارة الكهربائية التي تركض وراء الكفاءة في الأداء، لا تبحث عن السعر الأقل، بل تسعى وتبحث عن نوعية المواد أو السلع أو الأعمال، فما هو النفع الحاصل من المعمل أو المنشأة إذا كان سعرها منخفضاً وجودتها معدومة!! وهل ستكون عندها على أرض الواقع مجدية أو فعالة؟! وهل ستستطيع الاستمرار طويلاً في الإنتاج بهذه المعايير والمواصفات المطلوبة، أم أن عمرها الزمني سيكون مقتصراً على شهور فقط!!
ونذكر هنا، أن عقود شبكات التقوية الكهربائية التي حصلت عليها إحدى الشركات الإيرانية (ذات السعر الأرخص) مقابل الشركة الألمانية لم تصمد طويلاً، حيث أن أعطالها بدأت فور انتهاء الشركة الإيرانية من تركيب هذه المحطات ولتبدأ أعمال الصيانة، وهذا يوضح بشكل جلي أن السياسات الحكومية المطبقة في مجال الكهرباء سعت بكل جهودها لتأخير تحسين شبكات الطاقة الوطنية التي ما تزال تعمل وفق تقنيات قديمة جداً، لأنها تفتقر تماماً إلى التخطيط المستقبلي، وذلك بهدف إيصال القطاع الكهربائي في سورية إلى عنق الزجاجة كما حصل الآن، بل إن هذا الواقع ينذر بمستقبل أسوأ.. وهذا يوضح أن الأزمة الكهربائية حكومية بامتياز.
فالقائمون على تنفيذ السياسات الحكومية استطاعوا إيصال القطاع الكهربائي إلى ذروة الأزمة، عبر الحصار والخنق المستمر للقطاع الكهربائي.. ليأتوا ويؤكدوا بعد ذلك أن حل أزمات هذا القطاع لا تتم إلا بخصخصته وعرضه على المستثمرين للاستثمار فيه. والسؤال الذي يطرح نفسه أمام هذه اللوحة الشاحبة: هل باتت مواردنا عاجزة عن التمويل لدرجة البحث عن تمويل القطاع الخاص لهذا القطاع الحيوي؟! وأين هي الأموال التي ترصد في ميزانية كل عام للاستثمار في القطاع الكهربائي؟!
إن أمان القطاع الكهربائي هو جزء من الأمن الوطني، ووضعه بين يدي القطاع الخاص وسيطرته في أحسن الأحوال على جزء من عملية الإنتاج والتوزيع الكهربائي يمثل تهديداً لهذا الأمن، وذلك لأن المستثمرين لا يعنيهم إيصال الكهرباء إلى الناس بالأسعار التي تناسبهم، بل إن همهم الوحيد هو الربح ولا يأبهون بالناس والوطن والأمن الوطني.

معلومات إضافية

العدد رقم:
416