مكاتب التشغيل ترفع معدل البطالة
منذ قرار تشكيلها، ربطت مكاتب التشغيل مصير عشرات الألوف بل مئاتهم من العاطلين عن العمل، بها وبآلية عملها
فليس من الممكن الآن وبناء على التعليمات المشددة من رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن يتم تشغيل أي من العاطلين عن العمل، قبل الحصول على وثيقة من مكتب التشغيل المعني.
ولأن معدل البطالة في سورية يتزايد باستمرار ـ وصل إلى حد الكارثة ـ ولأن ضعف التنمية لايسمح باستيعاب أعداد جديدة من العاطلين عن العمل أنشئت مكاتب التشغيل هذه.
وإثر الفساد المتفشي في مكاتب التشغيل كما في أغلب دوائر الدولة، بات من يريد الحصول على وثيقة من أحد المكاتب لتشغيله في إحدى المؤسسات، مضطراً إلى دفع مبالغ طائلة، لايتحملها عاطل عن العمل، وقد تصل إلى عشرات ألوف الليرات السورية.
وقد لجأت إدارات المكاتب إلى تعيين عدد من الموظفين المؤقتين أو المياومين، والذين تم تثبيتهم عبر مسابقات ينجحون فيها حكماً ـ كما هو معروف ـ ولابد أن يزاولوا نشاطاتهم اليومية في تلك المكاتب.
أما نظام التسجيل والتشغيل، في هذه المكاتب، فقد بلغ التخلف حده، ويشكل هذا النظام، تربة خصبة، لعمليات الفساد والتلاعب والقفز فوق القانون.
فالأولوية لمن يسجل رقمه أولاً، ولمن يقطن قريباً من مكان العمل، ولمن تحدد صفته المهنية تماماً حسب المطلوب في كتاب الجهة الطالبة.
وهذا كله يجري شكلياً على أكمل وجه، إلا أنه يشكل ثغرة مخصصة للمفسدين كي يخترقوها.
فالتسجيل اليدوي مثلاً، والذي يحمل الخطأ والصواب، والشطب والحك والتزوير، بل إخفاء الملفات والإ ضبارات، كل ذلك يسهل عملية الرشوة داخل المكاتب، ويعيق ممارسة العمل بشكله النزيه.
وكثيراً ماتطلب جهة ما، أو مؤسسة عامة، عاملاً بمواصفات معينة، فيقوم مكتب التشغيل بطي الأسماء التي تحقق المواصفات المطلوبة، أو بإجراء مقابلات شكلية معهم، لايقبلون فيها إلى أن يأتي رقم أحد أصحاب المحسوبيات، أو دافعي الرشوة لينجح في المسابقة على حساب بقية العاطلين عن العمل.
وبعد أن أثبتت تجربة مكاتب التشغيل، أن هذه المكاتب، تزيد معدل البطالة بدلاً من أن تنقص منه، لابد لرئاسة مجلس الوزراء ولوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من إصدار تعليمات جديدة مبنية على دراسة التجربة، وإصلاح الخلل الكامن في آلية عمل تلك المكاتب.
فهنالك ضرورة ملحة، لتعديل نظام المسابقة التي يقدم عليها العاملون المطلوبون، فالشهادة العلمية أو الأدبية ليست فقط مقياس نجاح العامل في مهنته، ولاضير من اعتماد فترة تدريب واختبار للعاملين المهنيين غير الحاصلين على شهادة واعتبار هذه الفترة، هي الأساس في استمرار العامل المعني بعمله وكسب رزقه.
كذلك من الممكن، اعتماد أسبقية نيل الشهادات الثانوية والجامعية أساساً في أولوية التشغيل، فالمنطق يقضي أن لايعامل من يبحث عن عمل منذ عشر سنين، كما يعامل من يبحث عن عمل منذ سنة، والاثنان حاصلان على نفس الشهادة، وإذا ماتماثلت سنوات التخرج بالنسبة للعاملين المرشحين، فالأولى هو أخذ معدل العلامات، بعين الاعتبار.
أما الذين لم ينالوا أي شهادة جامعية أو مهنية، فمن الممكن اعتماد تاريخ وثيقة الخدمة الإلزامية، وأسبقيتها أساساً في تعيين العمال المرشحين.
ومن الضروري أتمتة مكاتب التشغيل في كافة المحافظات، لوقف عمليات التلاعب والتزوير، علماً أن ذلك لايكلف الوزارة سوى بضعة أجهزة موجودة في كل بيت ومكتب.
وكذلك التشديد على القطاع الخاص، غير الملزم أصلاً بمكاتب التشغيل، كي يتم شطب أسماء العاملين لديه من جداول مكاتب التشغيل، حتى لايحصل العامل على فرصة عمل جديدة، على حساب عاطل عن العمل