أموال قبضت وهددت ومشاريع لا تنفذ!! أين الجهات الوصائية أمام هذا الفساد المبرمج؟
أكثر من مرة سمعت السيد رئيس مجلس الوزراء أمام المؤتمرات النقابية يقول: «ارصدوا الفساد في الشركات والمؤسسات وهاتوا الوثائق ونحن على استعداد لمحاسبة هؤلاء» ونضحك جميعنا في سرنا، نعم نضحك لأن مواقع الفساد ليست خافية على أي مواطن سوري، بتنا نتعايش معها وتتعايش معنا وأضحت جزءاً أساسياً من حياتنا.
في الشركات:
كافة الشركات الإنشائية تؤكد على النقص الحاد في جبهات العمل وصعوبة تأمينها وذلك من أجل الاستفادة من كامل الطاقات البشرية والآلية لدى الشركات وبأسعار عقدية مناسبة لتحقيق التوازن.
ولكن عندنا تحصل هذه الشركات على مشاريع وجبهات عمل تقدمها هدية للمتعهد. ويأخذ المتعهد من الشركة الآليات وغيرها، ونضرب أمثلة على ذلك:
فرع البناء في حماه: مشروع سبخة الموخ بتدمر وهو جر مياه لواحة تدمر أعطي لمتعهد منذ بدء العمل به عام 2002 ولم ينته وفرّ المتعهد، مشروع جر 3 في قلعة المضيق وهو إكساء قناة ري أعطي لمتعهد وأوقف المشروع. صرف صحي في قرى مصياف أخذه متعهد وهرب.
مشاريع في حوران أعطيت لمتعهدين.
مشاريع في تل التوت أعطيت لمتعهدين.
محطة معالجة سلمية توسع في عقد الميكانيك أعطي بالكامل للمتعهد.
وإذا سألت عن أسباب ذلك.
تأتي الأجوبة 300 آلية في الفرع 90% منها متوقف عن العمل، بعضها بسبب علبة السرعة والتكلفة محدودة وبعضها في الإصلاح وتمنيع الفرع عن دفع أجور إصلاحها حتى تكتمل حلقات الفساد في حين يجري هدر في المكافآت للخاصة، وتتقاسم الأرباح مع المتعهدين. مع عدم حصول العمال على رواتب متأخرة لعدة أشهر، وعدم حصول العمال على الألبسة والأحذية والوجبة الغذائية منذ عدة أعوام، وعدم تحويل الاشتراكات المحسومة عن العمال لصالح النقابة وصندوق المساعدة الاجتماعية منذ سنوات ولكن رغم ذلك نطالب بمشاريع وجبهات عمل، وتقدمها للمتعهد.
ووجه آخر:
وجه آخر للفساد في الشركات الصناعية يتمثل في الاستيراد والتصدير والعقود والمناقصات واستسهال استيراد قطع تبديلية مهما كانت متواضعة على تصنيعها في ورش القطاع العام أو الخاص في السوق السورية.
معمل الباسل التابع لشركة الحديد والفولاذ في حماه ينتج كل أنواع المحاور وقطع تبديلية لكافة الشركات الصناعية وليس لهذا المعمل مثيل في الشرق الأوسط ويضم كادراً عمالياً وفنياً هاماً وتم إلحاقه بشركة الحديد عام 2004 بمرسوم جمهوري، ويستخدم هذه المعمل السائل المصهور ويعالج حرارياً وكيمياوياً لتحقيق المواصفة الفنية السورية، يقول رئيس النقابة: شركات ومؤسسات القطاع العام تستورد ما تحتاجه وتدفع أموالاً طائلة بالدولار رغم أن المعمل جاهز لتصنيع واستقبال طلبات القطاع العام والمعمل لا ينتج إلا حسب الطلبيات وفي المعمل 109 عمال مؤهلين ومدربين وأكفاء ونطالب بكل رجاء من شركات القطاع العام التوجه إلى معمل الباسل لتصنيع ما يحتاجونه بمواصفات عالية الجودة.
معمل الوليد:
يتراجع هذا المعمل عاماً بعد عام وفي أكثر الأحيان يتوقف عن العمل والإنتاج ولا توجد عقود بالتراضي لتصنيع الأبراج الكهربائية بسبب المنافسة مع القطاع الخاص وعدم تعامل جبهات القطاع العام وخصوصاً مديريات الكهرباء مع هذا المعمل وتعاملها مع الشركات الخاصة، وحتى شركة الكابلات تصنع البكرات الخاصة بالكوابل لدى القطاع الخاص رغم أن هذه الشركة تابعة لنفس المؤسسة العامة للصناعات الهندسية.
شركات ومؤسسات القطاع العام ترفض استجرار الإطارات من شركة أفاميا رغم أن هناك دراسة ميدانية قام بها أحد الخبراء السوريين على نماذج عديدة من الإطارات الموجودة في السوق ومن ضمنها إطارات أفاميا وقد ثبت متانة وجودة هذا الإطار السوري رغم الظروف الصعبة والتكنولوجيا المتخلفة.
الورشة المركزية في حمص أنشأت لخدمة شركات ومعامل القطاع العام، وهي تابعة للصوامع، وترفض شركات ومعامل القطاع العام التعامل معها ويفضلون القطاع الخاص.
وهناك عشرات الأمثلة الأخرى وجميعها تصب في خانة الفساد.
في فرع البناء بحماه تحدث رئيس اللجنة النقابية حول واقع الفرع قائلاً:
هناك مشاريع مأخوذة وهي من بدايتها خاسرة مثل مشروع الزاوية منطقة مصياف ـ خط مجرور الصرف الصحي بعرض /170/ سم وبعمق مترين بحاجة إلى فتح مسار وتفجير وترحيل هذه الصخور وكامل المشروع في منطقة صخرية وجبلية وتوجد كمية /600/م3 بحاجة إلى ترحيل لم تلحظ بعقد المشروع وهذا العمل يكون عبئاً على فرع الشركة ودون أي مردود مالي وهذا العمل في هذه المنطقة الجبلية يؤدي إلى تكسير وأعطال كبيرة في آليات الشركة نظراً لقساوة الصخر المراد إزالته.
مشروع حرمل بيت عتق منطقة مصياف مجرور صرف صحي يوجد بجانب مسار الخط تل على شكل جبل من الصخور القاسية بحاجة إلى ترحيل حتى تتمكن الآليات من فتح مسار الخط والتمكن من حفر المجرور وهذا كله يحتاج إلى آليات مثل بلد وزر ـ قلا بات وباكر وهذا العمل كله بدون أي مردود مالي ولم يلحظ بالعقد.
هناك مشاريع مأخوذة من منطقة مصياف ملزمة لمتعهدين ثانويين عن طريق فواتير وليس بعقود نظامية.
إن أغلب المشاريع مأخوذ عليها سلف مالية ويقوم الآن فرع الشركة بتسديد هذه السلف مثل مشروع قناة ج3 بالغاب: (85%) تسترد من قيمة الكشوف للسلف ومشروع عبارة السقيلبية سدد مبلغ /600/ ألف ليرة سورية من قيمة الكشف البالغ قيمته /800/ ألف ليرة سورية وهناك سلفة مأخوذة على مشروع محطة معالجة زيزون قيمتها المالية /770/ ألف ليرة سورية علماً أن الفرع لم يقم بأي عمل بالمشروع.
لنا بعض المطالب وهي:
1 ـ محاربة الفساد ومحاسبة المقصرين.
2 ـ التوسط لدى وزارة الإسكان من أجل الإسراع بصرف الكشوف للمشاريع المتعاقد عليها من أجل الاستمرار بالعمل وتأمين مستلزمات هذه المشاريع بالوقت المحدد.
3 ـ تثبيت الأخوة العمال الذين مضى على استخدامهم أكثر من أربع سنوات ولهم صفة الديمومة.
4 ـ منح الاختصاص للمساعدين المهندسين الذين عينوا بعد عام 1986 أسوة ببقية زملائهم.
5 ـ إعطاء عطلة يوم السبت أسوة ببقية الشركات أو إعطاء بدل نقدي عنها.
6 ـ نقل كافة سائقي الآليات في المشاريع إلى مجال اللجنة النقابية الثانية في الرحبة باعتبار أنه تتحمل دائرة الآليات رواتبهم كاملاً.
7 ـ إلغاء القرار رقم 244 تاريخ 14/11/2006 والصادرة عن السيد رئيس مجلس الوزراء والقاضي بإلغاء التعليمات الخاصة بتخصيص شركات الإنشاءات العامة بـ/30%/ من عقود القطاع الإنشائي.
8 ـ إعطاء جبهات عمل جديدة لفرع الشركة بحماة من أجل الاستمرار لأنه يوجد في الفرع /600/ عامل، هذا معناه أن هناك /600/ أسرة تعيش من عمل هؤلاء العمال.
9 ـ التسديد للمشفى العمالي بحماة من قبل إدارة تصفية ريما سابقاً من أجل استقبال الأخوة العمال المرضى وإجراء العمليات الجراحية اللازمة.
10 ـ التسديد إلى مكتب النقابة.
11 ـ التسديد للصيدلية العمالية بحماة من أجل استمرار استجرار الدواء للأخوة العمال.
12 ـ التسديد لنقابة أطباء الأسنان بحماة من أجل الاستمرار بالمعالجة السنية للأخوة العمال.
13 ـ إصدار الأنظمة الداخلية للشركة.
* مدير فرع الشركة قال: إن فرع هذه الشركة نهب وسرق من قبل المدراء الذين تواكبوا عليه دون محاسبة ودون مساءلة. وقال: إن الفساد يعشعش في مفاصلها.. أموال قبضت ومشاريع لم تنفذ وهدر ولا مبالاة.. أين الجهات الوصائية.
التفت نحوي وقال رجاء لا تكتب لكي لا نشهّر بالقطاع العام. ولكنني لم أعده بذلك.
وفي اليوم الثاني في 12 ـ 2/2007 ترأس محافظ حماه اجتماعاً لتتبع تنفيذ «البناء» شركة المشاريع المائية وتم استعراض كافة المشاريع المتعاقد عليها ونسب التنفيذ، وبعد التدقيق تبين أن كافة المشاريع منتهية مدتها العقدية وأن التأخير بالمشاريع وعدم المباشرة ببعضها يعود لأسباب تتعلق بالشركة وإمكانياتها وتقرر سحب أكثر المشاريع وإعطاءها للإنشاءات العسكرية.
وفي اليوم الثاني أقيل المدير أو استقال.
آلا يحق لنا هنا أن نتساءل:
أين الجهات الوصائية من هذا الفساد ومن هذا الدمار المبرمج؟
■ نزار عادلة