أبحاث علمية لخدمة الوطن صناعة السيليكون السوري لا تقل أهمية عن صناعة النفط!!

لو التفتت حكومتنا الموقرة للاستفادة من الأبحاث المتعلقة بصناعة أنصاف النواقل، التي تعتبر أساس الصناعات الالكترونية، والتي باعت منها أمريكا وأوربا، ما قيمته 250 مليار دولار في عام 2006، أي ما يعادل ثلث الدخل الحقيقي للوطن العربي، بما فيه النفط، لوفرت لبلدنا مداخيل خيالية، ربما كانت ستثنيها عن السعي المتواصل لرفع الدعم ومحاولات الخصخصة المستمرة بحجة إفلاس الخزينة، خاصة وأن السيليكون، الذي يتوفر كثروة خام وبكميات كبيرة عندنا، خاصة في الرمال، هو من أفضل الأنواع.

إن انعقاد ورشة العمل في علوم الفيزياء وأنصاف النواقل، للمرة الرابعة، في جامعة تشرين باللاذقية، يشكل ظاهرة ذات أهمية بالغة، نظرا للنجاح الذي تحققه هذه الورشة، والفائدة التي تعطيها، وذلك بسبب الجهود الكبيرة التي تبذلها إدارة الجامعة واللجان والأشخاص المشرفون عليها، دون صخب أو ضجيج، وهي تدعو للفخر والاعتزاز فعلا. لأن المصلحة العامة، وليست أية مصلحة أخرى، هي الهدف النهائي لهم. وهذا ما يطرح عددا من الأسئلة الهامة، وهي: لماذا تنجح بعض الفعاليات ( ندوات، مؤتمرات، ورشات) ويفشل غيرها؟ ولماذا تحتاج بعض هذه الفعاليات إلى أموال طائلة دون أي نجاح يذكر بينما ينجح بعضها بأقل التكاليف؟.

إن الورشة التي نحن بصدد الحديث عنها هي: ورشة العمل في علوم الفيزياء وأنصاف النواقل، التي أقامتها، للمرة الرابعة، كلية العلوم قسم الفيزياء في جامعة تشرين، في الفترة من 20 – 22 / 5 / 2007 بالتعاون مع معهد الفيزياء في أكاديمية العلوم البولونية.

عقدت الورشة برعاية رئيس جامعة تشرين، الدكتور أمير إبراهيم، الذي قدم لها كل ما يمكن من إمكانيات، بالتعاون مع معاونيه وإدارة الجامعة وعميد كلية العلوم، التي قدمت التسهيلات القانونية واللوجستية، كي توفر للورشة شروط النجاح. وقد اختارت اللجنة العلمية التي تشكلت برئاسة الدكتور جهاد ملحم، رئيس قسم الفيزياء، وعدد من الأساتذة الباحثين والخبراء في القسم، مع عدد آخر من الخبراء البولونيين، مواضيع الورشة وأبحاثها، بعناية تغطي أهدافها، المتمثلة في إلقاء الضوء على أهمية أنصاف النواقل في صناعة الدارات الرقمية، وفي الخلايا الشمسية، وأجهزة الكشف وغيرها. وكذلك الليزر، واستخداماته في الطب والتطعيم والغذاء، والعديد من المجالات. كما قدمت الأبحاث المتعلقة بالعناصر المعدنية، وأسس استخداماتها. أما اللجنة التنظيمية التي رأسها الدكتور عمار صارم، وضمت في عضويتها د. يوسف شاهين، مدير العلاقات الدولية في الجامعة، د. حسن إسماعيل، د.عدنان زين الدين، د. محمد الموسى، الذي بذل جهداً ملحوظاً لخدمة الورشة، لم يهدأ أو يستكين. د. برهان دالاتي، د. بسام غزولين، د. لؤي محمد، د.أمير تفيحة. وإذا لم نكن نعرف على وجه الدقة كل هؤلاء المنظمين، إلا أننا نعترف أنهم بذلوا جهوداً فوق العادة لإنجاح الورشة، وتقديم الخدمات للمشاركين، بصورة منتظمة، وبأقل التكاليف. ومن أبرز القضايا التي ساهمت فيها هذه اللجنة، أنها استطاعت أن تجمع التبرعات، من بعض الشركات الخاصة، لتمويل الورشة، كي تخفف العبء المادي عن كاهل الجامعة.

بلغ عدد المشاركين نحو 60 باحثا من جامعات دمشق وحلب وحمص وتشرين. ومركز البحوث العلمية ( المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجية )، والاستشعار عن بعد. إضافة ل 10 من الخبراء البولونيين.

كان حفل الافتتاح مختصراً ومعبراً، عن أهداف الورشة، دون أن ترفع شعارات وهمية، كما جرت العادة، لا تستطيع أن تقترب من تحقيقها.

اللغة التي استخدمت في الورشة هي الإنكليزية، مراعاة للخبراء البولونيين، ولكي لا تستخدم الترجمة وسيلة للتفاهم، نظراً لما لها من سلبيات، طالما تتوفر إمكانية استخدام لغة يفهمها الجميع بشكل مباشر.

 قام رئيس الجامعة وإدارة الجامعة، بتوفير الوسائل والإمكانيات التي احتاجتها الورشة، بشكل ذاتي ومباشر، واستطاعت اللجنة التنظيمية بفضل جهود رئيسها، والمشرفين عليها، استخدام هذه الإمكانيات على أفضل وجه، دون أن تلجأ، كما في العادة، إلى الفنادق الفخمة والمطاعم الكبيرة، لاستضافة المشاركين. حيث وفرت الإقامة لبعضهم في مضافة الجامعة التي أنشئت لهذا الغرض، والبعض الآخر في منتدى نقابة المعلمين وسط الجامعة الذي قدم لهم إضافة للإقامة خدمات أكثر من المعهود، وبذلك وفرت اللجنة التنظيمية كل مصاريف الإقامة. أما الطعام فكان يقدم على شكل وجبات جاهزة، أشرف عليها الدكتور عدنان زين الدين. وكانت وجبات متميزة في الكم والنوع وترضي جميع الأذواق. وقد حولت هذه الوجبات والطريقة التي قدمت بها للمشاركين في الورشة، إلى أسرة واحدة تدفعهم للألفة، وتزيد التلاحم بينهم. ومن جهة، تفتح المجال لحوار علمي على هامش جلسات الورشة، بعد أن تعارفوا وتآلفوا. لقد فتح جميع الأساتذة والمدرسين في قسم الفيزياء، غرفهم لاستقبال المشاركين أثناء الاستراحة. فتحولت إلى ورشات مصغرة تناقش فيها القضايا التي تطرح، بهدوء واستفاضة. وبذلك تكون الورشة قد حققت هدفا آخر، وهو التواصل العلمي بين الباحثين في جامعات القطر، ومراكز البحوث العلمية. إضافة إلى أيجاد أبحاث علمية مشتركة، والإشراف على رسائل الدراسات العليا.

 لقد كانت الأبحاث التي قدمت للورشة، في غاية الأهمية، لو استطعنا الاستفادة منها، خاصة الأبحاث المتعلقة بصناعة أنصاف النواقل، التي تعتبر أساس الصناعات الالكترونية، والتي باعت منها أمريكا وأوربا، ما قيمته 250 مليار دولار في عام 2006، حسب ما ذكر في الورشة، أي ما يعادل ثلث الدخل الحقيقي للوطن العربي، بما فيه النفط. وتأتي أهمية أبحاث الورشة، أنها ألقت الضوء على المواد الخام، التي تدخل في صناعة الدارات الرقمية وموادها. وخاصة السيليكون، الذي يتوفر كثروة خام في الوطن العربي، وتتوفر منه كميات كبيرة في سورية، خاصة في الرمال، التي تعتبر من الأنواع الملائمة لهذه الصناعات. كما ألقت الضوء على الجبسيوم السوري، وتنمية بلوراته، وطرق تنقيتها، للاستفادة منه في صناعات متنوعة، والحصول على أنواع ذات أسعار عالية. وبالتالي فإن أهم مزايا الورشة، أنها ألقت الضوء على توفر ثروات من المواد الخام، يمكن استخدامها في صناعات لا تقل أهمية عن صناعة النفط والغاز أو الفوسفات، إن لم تفوقها. عندما نعتبر أن النفط هو مادة ناضبة على مر الزمن، وإذا أدركنا أيضا، أن تلك المواد رخيصة الثمن ومتوفرة وسهلة الحصول عليها. كما أظهرت الورشة، وللمرة الرابعة، أن الإمكانيات العلمية والتنظيمية، المتوفرة في سورية، قادرة على إدارة الأزمات عندما توضع في إطارها السليم وتتوفر لها الفرص الملائمة. هؤلاء الشباب الذين يتمتعون بالحس الوطني والإمكانية العلمية والتنظيمية، والرغبة المتميزة لبلوغ النجاح، يمكنهم أن يلعبوا دوراً بارزاً في تقديم كل ما يلزم، كي تتحقق أهداف الورشة التي طرحت في أبحاثها .

لم يكن هناك استراحة للقيلولة أو النوم عند الظهيرة، كما تعودنا، بل كانت الجلسات متواصلة منذ الصباح وحتى المساء، مراعاة للمشاركين البولونيين، الذين لا يعرفون القيلولة، لكن أحدا لم يتذمر، بل اقتنع الجميع أن أية عادة يصبح نقيضها عادة.

لقد نجحت الورشة، وقدمت أبحاثا ومعلومات في غاية الأهمية. ولكن السؤال هو ماذا بعد؟ إن الجهات الرسمية معنية بأخذ مواضيعها على محمل الجد ووضع الأسس لدراستها دراسة علمية للاستفادة منها كي لا تضيع هباء كما ضاعت قبلها جهود كبيرة.

الدكتور جهاد ملحم – د. برهان دالاتي – د. ضيف الله نصور – د. محمد موسى – د.عمار صارم – د . علي درويشو – د . عبد الباسط قبس – د . احمد تفيحة – دكتورة . نجاح قبلان – د . أيمن طرا – د . سمير غالية – د . عاطف الجندي – د . محمد فاهود – د . سليمان دلا – د . لؤي محمد – دكتورة وعد عشي – د . مفيد الياس – د . حسن اسماعيل – د . محمود أحمد – د . حسن سلمان – د . كمال عفيصة – د . مالك رحية – د . أحمد بيشاني – د. رامز إبراهيم – د. غياث ياسين – د. عفيف برهوم – د. طلال إخلاص - د. محي الدين نظام- د. عدنان زين الدين – د . بسام غزولين – د . رزق قرفول – د . غازي حاتم – د . الياس الخوري نعمة – د . ابراهيم بلال – د . عدنان ميني – محمد الكوسا – د . كنج الشوفي – د. محمد عبد الحافظ – د . فواز سيوف – د . جهاد عطية - د . رياض العبد الله – د. أيمن كبيسي - د . زكريا ظلام – د . محمد فالح – د . عبد القادر حريري - . د. سليمان سليمان – د. لؤي منصور – د. جمال سعيد – د . محمد ديب – د . محمد عليوي – د . مصطفى صائم الدهر – أ. منير درويش – أ . هالة صارم – أ. مازن اسماعيل – أ. ايمن هدية – أ. نبيهة حسن - أ. إيمان ادريس - م. ياسين الشيخ محمد . إضافة للخبراء البولونيين. ونعتذر إن كنا قد سهونا عن أحد.

■ منير درويش

آخر تعديل على الخميس, 17 تشرين2/نوفمبر 2016 19:39