النمو الكاذب.. والضحك على اللحى!

تتدحرج عجلة الاقتصاد السوري إلى الخلف بسرعة كبيرة على أرض الواقع المعيشي، فبين مطلع كل شهر ومنتصفه، وصولاً إلى نهايته، نجد الأزمة تتفاقم بسرعة كبيرة، وأسعار المواد الاستهلاكية تزداد جنوناً، والراتب، الذي قيل فيما مضى، إنه لا يكفي لعشرة أيام من الشهر، أصبح اليوم لا يكفي لخمسة.

وفي كل يوم تظهر للمواطن السوري أزمة جديدة، فمع أنه في أكثر دول العالم تخلفاً، لم تعد الكهرباء تشكل أزمة بانقطاعها أبداً، نرى انقطاع الكهرباء عندنا أمراً عادياً وبسيطاً، ولساعات طويلة من التقنين، وأحياناً لفترتين في اليوم الواحد. فهل هذا مؤشر على ارتفاع معدل النمو؟! وأزمة ثانية هي أزمة مياه الشرب، أو حتى مياه الاستعمال اليومي التي يحرم منها المواطن طيلة ساعات النهار، وأغلب ساعات الليل، هل هي مؤشر لارتفاع معدل النمو؟!

من بين هذا الجنون يطل الدكتور ابراهيم علي، مدير المكتب المركزي للإحصاء، في آخر تصريح له، ليطمئننا، بوهم جديد، إنه يتوقع أن يزيد معدل نمو الاقتصاد السوري في العام 2006، عن الرقم الذي تم إعلانه تقديرياً، مطلع العام الجاري، وكان 5,1%، والنمو غيرالنفطي 6,7%، وهنا نتساءل: من أين تأتي هذه الزيادة المتوقعة في نمو الاقتصاد السوري عن هذه الأرقام؟! علماً أن هذه الأرقام بحد ذاتها وهمية، وعالية جداً عن حقيقة هذا النمو الذي أكدت مكاتب الإحصاء الدولية أنه لا يزيد عن 3,1%، وقد شكك الدكتور علي بمصداقية هذه الاحصاءات، وقال إنها ليست دقيقة، وتقارير الخبراء الدوليين قد تكون قريبة من الواقع، وأحياناً بعيدة.

وفي محاولة لتحسين صورة القطاع الخاص، يؤكد أن مصدر هذه القفزات المتتالية سنوياً، في أرقام نمو الاقتصاد السوري، وتراجع عجز الميزان التجاري، هو القطاع الخاص، الذي أسهم مساهمة كبيرة في هذا المضمار، من خلال التسهيلات التي منحت له تباعاً، وقد ظهر ذلك من خلال أرقام الصادرات وأرقام المستوردات!

وهنا يعاودنا السؤال: هل نمو القطاع الخاص، فيما لو كان حقيقة، يعكس صورة حقيقية لنمو الاقتصاد السوري؟ وهل زيادة تمركز رؤوس الأموال بيد تماسيح السوق هو ظاهرة صحية لنمو اقتصادٍ وطني شامل؟. أسئلة ليست برسم المسؤولين، لأننا لا نتوقع إجابات مقنعة أو حلولاً جذرية لاقتصادنا المتدهور. بقدر ما هي برسم جماهيرنا التي تعاني بصمت وكبرياء..

■ يوسف البني

آخر تعديل على الخميس, 17 تشرين2/نوفمبر 2016 19:28