تعا... نحسبها...

منتصف ليل الأربعاء 31/10/2007 أُخذنا - نحن المواطنين - غدراً عندما فُوجئنا جميعاً برفع سعر البنزين من 30 ل.س إلى 36 ل.س لللتر الواحد, بزيادة نسبية قدرها 20% من إجمالي كلفة اللتر على المواطن...

النظرة الأولية توحي أن هذه الزيادة سينعكس تأثيرها على الشرائح الاجتماعية المرفهة والتي تتعامل مع البنزين كسلعة ترفية كمالية… وأن قرار الزيادة هذا لن يطال أي من شرائح المجتمع الأخرى.

وانطلاقاً من هذه الشرائح التي سيصيبها هذا القرار، أي أصحاب السيارات العامة والخاصة، وتتبع كمية استهلاك سياراتهم اليومي من البنزين المقدرة بـ 6 مليون لتر (تنتج بكاملها محلياً)، فإن هذه الـ 20% زيادة، أوقف إنفاقها بطريقة غير مباشرة في القطاعات الاقتصادية الأخرى، وأوقف معها الحراك الاقتصادي الكمي ضمن الدورة الاقتصادية لهذه القطاعات… وحجم الانحراف الكمي الإجمالي للزيادة أسعار البنزين هو:

6 ل.س (مقدار الارتفاع) × 6 مليون لتر (الاستهلاك اليومي) = 36 مليون ل.س، حجم الجباية اليومية. أما حجم الجباية السنوية فيكون:

36 مليون ل.س × 365 يوم = 13.14 مليار ل.س.

وتعادل دولارياً ما قدره 270.65 مليون دولار/سنة.

13.14 مليار ل.س/سنة، أو 270.65 مليون دولار/سنة، ستسحبها الحكومة من التداول خلال عام من الدورة الاقتصادية السورية الإهليلجية بهدف تمويل خزينتها. وتُفقد بذلك كل القطاعات الاقتصادية مردود هذه الكتلة النقدية الضرورية لاستمرار الدورة الاقتصادية الموَلَدة في قطاعات الإنتاج المختلفة… هذا استنتاج أولي وسريع يتناسب مع قرارات خاطفة مفاجئة ومدروسة؟؟؟

والتفاصيل مع تساؤلاتها تبدأ من الاتجاه الذي ستسلكه هذه المليارات الثلاثة عشر، وهل سيكون طريقها إلى المواطن بطريقة عادلة عبر الدولة وأجهزتها؟ أم أن جزءا لا بأس به سيدخل ضمن حلقة اقتصاد الفساد الذي سيحرم الوطن والمواطن ما قدره وسطياً 30% من هذه الكتلة النقدية وحجم حراكها؟؟؟ طبعاً بعد تسليمنا أن حجم اقتصاد الظل في سورية كما هو معلن في الأوساط العلمية بين 20 – 40%، وبالتالي فإن الكتلة النقدية الخارجة من الدورة الاقتصادية بسبب ارتفاع أسعار البنزين إلى جيوب قلة  فقط هي:

13.14 مليار ل.س × 30% حجم اقصاد الظل = 3.94 مليار ل.س.

قرار كهذا بُني كما جرت العادة، على أساس البحث اللحظي الارتجالي عن موارد للخزينة لتمويل عجزها، وهي عادة رسخها الفريق الاقتصادي في هذه الحكومة بحل تصديري لأعباء أية أزمة، فإما أن يكون التصدير للغير (المواطن)، أو للمستقبل الذي تكون كلفته مضاعفة دائماً… والطريف هنا غياب المنهجية العلمية التي ادعاها هذا الفريق أولاً، وتجاهل البدائل المتوفرة في أماكن أخرى ثانياً، فالتذكير مثلاًُ بما ورد في جريدة قاسيون عدد /323/ في هذه الزاوية نفسها، حول دعم فريقنا الاقتصادي لشركة Duplen بما يعادل  24.3 مليون دولار/سنة، أي ما قدره 1.205 مليار ل.س سنوياً، يدفع هذا المثال برأي مضمونه للتأكيد أن محاولة بسيطة من الحكومة لضبط والسيطرة على عشر حالات مشابهة لشركة Duplen على مستوى الكلي لاقتصاد الظل، يمكن أن يغطي عجز الخزينة، ولكن بفارق مفصلي هو عدم قدرة الخيار الأخير على عرقلة الدورة الاقتصادية بصدمات كهذه تنعكس بالنتيجة سلبياً على استقرار المواطن وأمنه...

      الاقتصادي...