«أرقام تركيا» تدفعها نحو روسيا دفعاً..!

«أرقام تركيا» تدفعها نحو روسيا دفعاً..!

انكمش الناتج المحلي التركي بالأسعار الثابتة في الربع الأول من العام الحالي 2016 بمقدار 6% خاسراً ما مقداره 11 مليار دولار عن الربع الأول من العام الماضي، وخسرت الليرة التركية 11% من قيمتها خلال العام الحالي..

بلغت آخر تقديرات الدين العام التركي في شهر تموز 2016، 447 مليار دولار، أي ما يصل إلى 62% من الناتج في عام 2015، حيث تضاعفت عملياً تقديرات الدين العام بين بداية 2016 والنصف الثاني من العام الحالي.

 

 

تعمق المؤشرات التركية الهشة في هذا العام من أزمة الاقتصاد التركي، التي بدأت تظهر منذ عام 2011، بتراجع الإنتاجية الإجمالية للعوامل (أي نسبة المخرجات إلى المدخلات) والتي أصبحت سالبة منذ عام 2011، بحسب ما يشير التقرير الملخص للبنك الدولي عن الاقتصاد التركي في النصف الأول. وتضاف أيضاً إلى التراجع في التدفق الاستثماري الخارجي، حيث تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا من 20 مليار دولار في 2008، إلى 16,8 مليار دولار في 2015، بتراجع بمقدار 19%.

ترتبط الاضطرابات في الاقتصاد التركي في العامين الماضيين، بتدهور العلاقات الاقتصادية مع روسيا، فتجارياً أدى تقيد تركيا بالعقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا إلى تراجع بمقدار 48% في الصادرات التركية إلى روسيا خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2015، لتشهد الصادرات التركية في شهر 8-2015 أدنى مستوى لها منذ عام 2010. حيث كان حجم التبادل التجاري بين روسيا وتركيا في عام 2014 يبلغ مقدار 31 مليار دولار، 25,2 منها واردات روسية إلى تركيا، و9,8 مليار منها صادرات تركية إلى روسيا. توقفت الصادرات التركية في العام الحالي، بعد المنع الروسي منذ حادثة إسقاط الطائرة الروسية، واستمرت الواردات ولكن بحجم لا يتعدى 1,4 مليار دولار من روسيا إلى تركيا في النصف الأول من العام الحالي..

كذلك الأمر بالنسبة لقطاع السياحة التركي، حيث تراجع الناتج السياحي في تركيا في النصف الثاني من العام الحالي 2016، بمقدار 3,6 مليار دولار من 12,5 مليار دولار في الوقت ذاته في عام 2015 إلى 8,9 مليار. حيث أن السياحة الروسية في تركيا بآخر قياس لها في عام 2013 بلغت 5,2 مليار دولار سنوياً، أي ما يقارب 16% من الناتج السياحي في تركيا، البالغ في 2015: 31 مليار دولار. حيث يقدر تراجع عدد السياح الروسي بنسبة 90%.

كان من المقرر إيصال التبادل التجاري بين روسيا وتركيا من قرابة 30 مليار دولار، إلى 100 مليار دولار، وهو ما يتم إعادة الحديث به اليوم..

يضاف إلى ذلك أن الأفق أصبح مفتوحاً لتعويض الخسارة الاستراتيجية لتركيا من التوقف في مشروع السيل الجنوبي، الذي كان سينقل عبر تركيا حوالي 63 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، والذي سينشأ خزانات تجميع كبرى على الحدود التركية الإيرانية تزود أوروبا بالغاز الروسي، أي يعطي تركية ميزة ونقطة قوة في علاقاتها الأوروبية.

في الأزمة السياسية والاقتصادية العميقة لتركيا، ليس للغرب ما يقدمه جدياً، بينما تنفتح الفرص الواسعة في الشرق، وبين روسيا وتركيا تحديداً، لتصحح واحدة من الإشكالات السياسية التاريخية التي كانت عنصر توتير هام في الحروب العالمية..

فهل ستقدم النتائج الإيجابية للتقارب الروسي- التركي نموذجاً تحاكيه أوروبا الملتزمة التزاماً تاماً حتى اليوم بخساراتها الفادحة من اللحاق بالنهج الأمريكي؟!

فالأمريكيين يسعون جهدهم لإفشال المشروع الأوراسي، للتحالف الطبيعي بين روسيا وأوروبا، حتى لو كان ثمن ذلك الفوضى وحتى التفكك في الاتحاد الأوروبي، وهم يفقدون تدريجياً قدرتهم على التحكم بمسار الحليف المتين السابق: تركيا.