التعويم.. لماذا؟

يعدّ استقرار الليرة السورية جزءاً أساسياً من مكونات الأمن الوطني، لأنه الانعكاس الحقيقي لاستقرار الوضع الاقتصادي والاجتماعي، ولا يختلف اثنان في هذا الوطن أن قوة الليرة السورية ومكانتها تحددها في نهاية المطاف قوة الاقتصاد السوري بكل فروعه الإنتاجية.

لقد أكد د.محمد الحسين وزير المالية في تصريح لوكالة سانا عن عدم وجود نية لدى الحكومة والسلطة النقدية لتخفيض سعر الصرف لليرة السورية، مؤكداً أن السلطة النقدية تتابع ما يجري في أسواق الصرف العالمية، وأن سعر الصرف الليرة السورية سجّل استقراراً خلال السنوات الأخيرة.. لكن على النقيض تماماً دعا حاكم مصرف سورية المركزي في أكثر من مناسبة للتفكير الجدي في تعويم الليرة السورية، مؤكداً أن مصرف سورية المركزي سيبقى الضامن لسعر الليرة واستقراره أنه وليس هناك أي تخوف من أن يهبط سعر الصرف الليرة أو أن يتغير بشكل مفاجئ لحركة السوق، فالمصرف المركزي حسب (ميالة ) سيتدخل بائعاً القطع الأجنبي في السوق، وشارياً في آخر كل يوم من التداول ومتحكماً به.

الاستنتاج الأولي من خلال الرأيين المذكورين اللذين يمثلان الحكومة والسلطة النقدية في سورية، هو عدم وجود انسجام حكومي في التعاطي مع الضغوط المستمرة لصندوق النقد الدولي ووصفاته.

وهنا يحق لنا أن نسأل: طالما أن تعويم العملة يقصد به تركها كي يتحدد سعرها في السوق الحرة دون أي تدخل من الدولة، بكل ما يعني ذلك من تداعيات اجتماعية واقتصادية غاية في السلبية، فما معنى هذه الطروحات واقتصادنا الوطني لم يبلغ بعد القوة والمتانة التي تقيه من الهزات كاقتصاد نام، خصوصاً إذا علمنا أن النتائج ستكون كارثية عليه نتيجة التضخم وتراجع القوة الشرائية للمواطنين؟ ثم إذا كان لسياسة التعويم كل هذه الآثار السلبية والنتائج الاقتصادية والاجتماعية المخيفة والمرعبة على العباد والبلاد، فلماذا تفكر السلطات النقدية بها أصلاً أو تلجأ إليها؟

إن دولاً عديدة، تسبقنا أشواطاً في اقتصاداتها، تتهرب من هذا الحل المؤقت غير محمود العواقب، ولا تعتمده إلا حين يكون خياراً أوحد، فلماذا لا نحذو حذوها، أم أنه مكتوب علينا أن نقتدي بالأسوأ؟

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.